بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ عَلَى رَأْيٍ وَعَلَى رَأْيٍ وَهُوَ أَخْصَرُ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ (قُلْتُ) لَمْ يَنْضَبِطْ ذَلِكَ لَهُ فِي رُسُومِهِ فِيمَا رَأَيْته قَوْلُهُ " بِأَمْرٍ " يَتَعَلَّقُ بِالشَّهَادَةِ قَوْلُهُ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتِقَالُ وَضَمِيرُ قَوْلِهِ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرِ أَيْ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِالْأَمْرِ وَإِذَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَمْرِ دَخَلَهُ الشَّكُّ فِيهِ أَوْ الْوَهْمُ وَلِذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَدْخُلُ انْتِقَالُ الشَّاهِدِ إلَى شَكٍّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إنَّ الشَّاكَّ حَاكِمٌ أَوْ لَيْسَ بِحَاكِمٍ يَعْنِي أَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِيهِ الِانْتِقَالُ إلَى الشَّكِّ سَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الشَّاكَّ لَيْسَ بِحَاكِمٍ أَوْ حَاكِمٍ وَأَشَارَ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّاكِّ مِنْ كَلَامِ الْمَحْصُولِ وَالْقَرَافِيِّ اُنْظُرْ مُخْتَصَرَهُ الْأُصُولِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلُهُ " دُونَ نَقِيضِهِ " الضَّمِيرُ فِي نَقِيضِهِ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ الْجَزْمِ بِنَقِيضِهِ وَمَعْنَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الرَّسْمِ أَنَّ الرُّجُوعَ شَرْطُهُ الِانْتِقَالُ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ لَا الِانْتِقَالُ إلَى الْجَزْمِ بِنَقِيضِ مَا شَهِدَ بِهِ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَكَانَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِصُورَةِ الشَّكِّ إذَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَأَيُّ شَيْءٍ قَصَدَ بِهَا (قُلْتُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقَّقَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الرُّجُوعِ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرَ لَا الِانْتِقَالُ إلَى النَّقِيضِ كَمَا قَرَّرْنَا وَيَخْرُجُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ لَا لِأَنَّهَا أَخْصَرُ مِنْ دُونَ (قُلْتُ) لَا يَصِحُّ ذَلِكَ صِنَاعَةً لِأَجْلِ حَذْفِ الْخَافِضِ لِلنَّقِيضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ انْتِقَالَ الشَّاهِدِ إلَى نَقِيضِ مَا شَهِدَ بِهِ وَجَزَمَهُ بِهِ وَهَذَا رُجُوعٌ يُوجِبُ تَجْرِيحَهُ وَرَدَّ شَهَادَتِهِ مُطْلَقًا وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَقْضِيَةِ إذَا اسْتَقَالَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَادَّعَى وَهْمًا بِشُبْهَةٍ أُقِيلَ وَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِكَذِبِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا إنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ رُجُوعٌ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ لِمُطْلَقِ رُجُوعٍ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرْته وَقَدْ قَسَّمُوا الرُّجُوعَ إلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثٍ وَقَسَّمُوهُ إلَى عَمْدٍ وَغَيْرِهِ (قُلْتُ) الْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ أَظْهَرُ فِي قَصْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَدَّى الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَا ذَكَرَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَوْ عِنْدَ نَفْسِهِ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ مَعَ أَنَّ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَا لَا يَتَقَرَّرُ رُجُوعٌ إلَّا عِنْدَ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ (قُلْتُ) قَدْ قَالَ سَحْنُونٌ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَدَّى عِنْدَهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَنَا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute