للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُقْتَلُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الدَّمُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَارِجُ الْمَذْهَبِ فِيهِ خِلَافٌ قَوْلُهُ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا إمَّا مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَتُوَزَّعُ الْخَمْسُونَ عَلَى ذَلِكَ.

(فَإِنْ قِيلَ) إذَا كَانَ الْوُلَاةُ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِينَ كَالسِّتِّينَ وَلِيًّا فَقَدْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعُ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يَجْتَزِئُ بِخَمْسِينَ مِنْهُمْ فَهَذِهِ قَسَامَةٌ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا (قُلْت) قَالُوا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصَحِّ وَمَا بِهِ الْعَمَلُ قَوْلُهُ " أَوْ جُزْأَهَا " مَعْنَاهُ أَوْ حَلَفَ جُزْءَ خَمْسِينَ يَمِينًا لِيَدْخُلَ بِهِ حَلِفُ وَرَثَةِ الدَّمِ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ فَإِنَّهَا عَلَى قَدْرِ الْمَوَارِيثِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ إلَّا بِنْتًا بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا عَاصِبٌ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْحَلِفُ بِجُزْءِ خَمْسِينَ لَا بِالْخَمْسِينَ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ الصُّوَرِ إذَا قُسِمَتْ الْخَمْسُونَ عَلَى الْوَرَثَةِ لَا إنْ كَانَتْ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ وَجَبَ التَّكْمِيلُ فِي الْكَسْرِ فَيُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحَلِفَ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ " عَلَى إثْبَاتِ الدَّمِ " أَخْرَجَ بِهِ إذَا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا لِتُهْمَةِ دَمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَسَامَةٍ فَيَخْرُجُ بِهِ حَلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَتْ الْأَوْلِيَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَسَامَةٍ وَكَذَا تَخْرُجُ مَسْأَلَةُ الْعُتْبِيَّةِ إذَا قَتَلَ رَجُلٌ وَهَرَبَ وَاتُّبِعَ أَوْ دَخَلَ فِي دَارٍ وَوُجِدَتْ جَمَاعَةٌ قَالُوا يَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ.

(فَإِنْ قُلْتَ) مَا قَرَرْت بِهِ كَلَامَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْقَسَامَةَ عُرْفًا إنَّمَا هِيَ الْحَلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى إثْبَاتِ الدَّمِ اقْتَضَى أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي فَقَطْ وَقَدْ وَقَعَ لَهُمْ لَمَّا تَكَلَّمُوا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَسَمَّوْهُ قَسَامَةً فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (قُلْت) ذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ فَإِنَّهُ مُتَأَوِّلٌ عَلَى التَّجَوُّزِ مِنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا تَرَكَ بِنْتًا وَحَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ حَظَّهَا ثُمَّ رَجَعَتْ وَرَدَّتْ ثُمَّ طَرَأَتْ أُخْتٌ لَهَا قَالُوا تَحْلِفُ الثَّانِيَةَ بِقَدْرِ حَظِّهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِالْخَمْسِينَ يَمِينًا قَبْلَهَا فَيُقَالُ هَذِهِ قَسَامَةٌ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ وَهُوَ قَدْ حَصَرَهَا فِي الْخَمْسِينَ وَجُزْئِهَا فَالْحَدُّ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ (قُلْتُ) لَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرَضِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبَ فِي الْقَسَامَةِ حَلَفَ خَمْسِينَ أَوْ جُزْأَهَا وَالزَّائِدُ هُنَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ جُزْأَهَا.

(فَإِنْ قُلْت) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَذْكُرْ فِي رَسْمِهِ شَرْطَ حَالِفِ الْقَسَامَةِ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ الْقَسَامَةُ أَنْ يَحْلِفَ

<<  <   >  >>