للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نِسْبَةُ آدَمِيٍّ " مَعْنَى قَوْلِهِ نِسْبَةٌ أَيْ حُكْمٌ بِزِنًا إسْنَادًا أَوْ تَقْيِيدًا وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّصْرِيحُ وَالتَّلْوِيحُ وَهُوَ التَّعْرِيضُ وَالْآدَمِيُّ مُضَافٌ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْغَيْرُ مَفْعُولُ قَوْلِهِ " غَيْرَهُ " أَخْرَجَ بِهِ قَذْفَ نَفْسِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) النِّسْبَةُ لِلْغَيْرِ تَصْدُقُ إذَا نُسِبَ إلَى ذَاتِهِ وَإِنْ نُسِبَ إلَى جُزْئِهِ فَكَيْفَ يَصْدُقُ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ قَذْفٌ (قُلْتُ) لَا يَخْرُجُ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ آدَمِيًّا غَيْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ نِسْبَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ غَيْرَهُ وَنِسْبَةُ الْعَبْدِ وَكَثِيرًا مِمَّا لَا يَتَقَرَّرُ شُرُوطُ الْقَذْفِ فِيهِ إمَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ بِخِلَافٍ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ مِمَّا يَلْزَمُ فِيهِ الْحَدُّ قَوْلُهُ " لِزِنًا " تَقَدَّمَ حَدُّ الزِّنَا فَذِكْرُهُ فِي الْحَدِّ صَحِيحٌ فَصَحَّ التَّعْرِيفُ بِهِ لِتَقَدُّمِ مَعْرِفَتِهِ قَوْلُهُ " أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ " أَخْرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا أَوْ قَطَعَ نَسَبَ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى قَذْفًا الْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ قَذْفًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ عَنْهَا وَإِنْ قَالَ لَيْسَ أَبُوك الْكَافِرَ ابْنُ أَبِيهِ فَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا أَيْضًا فَلِذَا قَالَ مُسْلِمٍ قَوْلُهُ " وَالْأَخَصُّ " تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الزِّنَا وَلَمْ يَظْهَرْ الْجَوَابُ عَنْهُ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ صُوَرِ الزِّنَا لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَدِّ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ زِنًا.

وَالشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْرَدَ سُؤَالًا عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِصِدْقِهِ عَلَى مَنْ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ وَأَجَابَ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقَذْفِ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَانْتِفَاءُ الْحَدِّ عَنْ تِلْكَ الصُّورَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْقَذْفِ عَنْهَا لِأَنَّ الْحَدَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْحَقِيقَةَ لَا يَحْصُلُ أَثَرُهَا إلَّا عِنْدَ تَوَفُّرِ شُرُوطِهَا لَا يُقَالُ وَمَا ذَكَرَهُ وَصَحَّحَهُ يُوجِبُ لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَقْسِيمٍ إلَى الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ لِأَنَّا نَقُولُ لَعَلَّ الشَّيْخَ يَقُولُ إنْ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ يَجْعَلُونَ لَهُ مَعْنَيَيْنِ وَغَلَبَ فِيهِمَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ قَوْلُهُ " آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ " أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَذْفٌ يُوجِبُ الْحَدَّ قَوْلُهُ " حُرًّا عَفِيفًا " إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذِهِ الْقُيُودِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ " أَوْ صَغِيرَةً " أَدْخَلَ بِهِ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَبَاقِيهِ جَلِيٌّ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ أَوْ النَّفْيِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ لِغَيْرِ الْمَجْهُولِ فِيهِ تَكْرَارُ الثَّانِي وَالْأَخِيرِ إذْ الْمَجْهُولُ لَا نَسَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ نَفْيُهُ تَأَمَّلْ الثَّانِيَ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الزِّنَى أَعَمُّ مِنْ اللِّوَاطِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قِسْمُ الشَّيْءِ قَسِيمًا لَهُ وَكَذَلِكَ فِي تَأْتِي

<<  <   >  >>