للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ الْوَقْتُ الَّذِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ أَيْ إلَى مَا يَسَعُ إيقَاعَهَا فِيهِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْأَخِيرُ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْوَسَطِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَالْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ أَوَّلُهُ وَوَسَطُهُ وَآخِرُهُ كُلُّهُ مَحَلُّ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَلَا نَهَى عَنْ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ لِأَنَّ زَمَنَ مِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي آخِرِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ فَلَوْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ " إلَيْهِ " لَكَانَ غَيْرَ جَامِعٍ فَزَادَ " أَوْ إلَيْهِ " لِيَدْخُلَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ هَذَا مَعْنَاهُ، هَكَذَا رَأَيْتُ مُقَيَّدًا عَنْ الشَّيْخِ وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالضَّرُورِيُّ " أَيْ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ ابْتِدَاءً إلَى آخِرِهِ مَعْنَاهُ زَمَنُ ابْتِدَاءٍ كَمَا قَدَّمْنَا قَبْلُ.

وَقَوْلُهُ " الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إلَيْهِ " يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ مَعْنَاهُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَيْ الْمَنْهِيُّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ أَيْ عَنْ زَمَنِهِ وَالْمَنْهِيُّ عَنْ تَأْخِيرِ فِعْلِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ عَنْ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَزَمَنُ الضَّرُورَةِ كُلُّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَزَادَ قَوْلَهُ " وَإِلَيْهِ " حِفْظًا عَلَى طَرْدِ حَدِّهِ لِأَنَّهُ لَوْلَا الزِّيَادَةُ لَصَدَقَ فِي حَدِّهِ الزَّمَنُ الْأَخِيرُ مِنْ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ زَمَنُ نَهْيٍ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ " وَإِلَيْهِ " لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ التَّأْخِيرِ عَنْهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ هَذَا الَّذِي كَانَ يَظْهَرُ إنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " عَنْهُ " عَائِدٌ عَلَى " تَأْخِيرِ فِعْلِهَا عَنْهُ " وَعَلَى ذَلِكَ افْتَقَرَ إلَى ذِكْرِ " إلَيْهِ " وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى " تَأْخِيرِ فِعْلِهَا " فَقَطْ وَإِلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الصُّورَةُ الَّتِي اُحْتِيجَ مَا يُوجِبُ إخْرَاجُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَأَنْتَ تَرَى حُسْنَ هَذَا الْحَدِّ وَرَشَاقَتَهُ وَإِيجَازَهُ وَنَاهِيك بِحَادِّهِ سَيِّدِ أَهْلِ وَقْتِهِ وَبَرَكَةِ زَمَنِهِ وَالسَّابِقِ فِي فَهْمِهِ وَعِلْمِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ بِمَنِّهِ ثُمَّ مِنْ مَحَاسِنِهِ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ نَتِيجَتِهِ أَنَّهُ لَا تَنَافِي عَلَى حَدِّهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُؤَدِّيًا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَعَاصِيًا لِصِدْقِ حَدِّ الْأَدَاءِ فِيهِ وَصِدْقِ لَازِمِ الْعِصْيَانِ فِيهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْأَمْرَ وَالْوُقُوعَ فِي الْمَنْهِيِّ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ لَازِمِ الْعِصْيَانِ مَعَ لَازِمِ الْحَدِّ عِنْدَهُ وَالْمَازِرِيُّ يَلْزَمُهُ التَّنَاقُضَ وَالتَّنَافِي بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْعِصْيَانِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ حَدَّ الْأَدَاءَ بِمُطَابَقَتِهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ وَهَذَا وَاضِحٌ.

(فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ فِي الْحَدِّ

<<  <   >  >>