للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الشَّيْخَ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ حَدَّ الْقَضَاءِ يَصْدُقُ عَلَى صُوَرِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْبَانِيَ إذَا أَتَى بِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَذَلِكَ صِفَتُهَا وَيَأْتِي بِجُلُوسٍ وَهُوَ مِنْ صِفَةِ مَا فَاتَ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ نَسَقًا وَذَلِكَ مِنْ صِفَتِهَا فَيَصْدُقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِعْلُ مَا فَاتَ بِصِفَتِهِ هَذَا مَعْنَى مَا رَأَيْته وَنُسِبَ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ الْفَلَّاحِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْجَوَابُ عَلَى مَا رَأَيْت أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ فِي حَدِّ الْبِنَاءِ مَا قَيَّدَهُ بِهِ مِنْ التَّقْدِيرِ اللَّازِمِ لَهُ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ فَعَلَ مَا فَاتَ بِصِفَتِهِ مُطْلَقًا بَلْ فَعَلَ مَا فَاتَ بِصِفَةِ تَالِي مَا فَعَلَ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ فِي فَهْمِهِ وَصِحَّتِهِ وَمِمَّا أَوْرَدَ عَلَى حَدِّ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قِرَاءَتِهِ رَسْمَهُ أَنَّ قَبْلَ كَيْفَ يَصْدُقُ رَسْمُهُ فِي الْقَضَاءِ وَالْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَالرَّابِعَةَ وَفَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ وَقَدْ سَمَّاهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَضَاءً.

فَإِنْ قِيلَ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا حَدُّ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ فَقَطْ وَالْقَضَاءُ لَا يَصْدُقُ فِي الرَّكْعَةِ الْمَأْتِيِّ بِهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ إلَّا إذَا جَلَسَ بَعْدَهَا وَإِنْ قِيلَ يَصْدُقُ فِيهِمَا حَدُّ الْبِنَاءِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ مِنْ صِفَةِ تَالِي مَا فُعِلَ الْجُلُوسَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ لِلْأُولَى فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِمَا أَنَّهُمَا بِنَاءٌ وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ وَإِطْلَاقُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِمَا قَضَاءً مَجَازٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ وَالْمَغْرِبِيَّ وَابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ هَارُونَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمَغْرِبِيُّ فِي رَسْمِ الْقَضَاءِ وَالْبِنَاءِ وَمَا أَوْرَدَ أَيْضًا بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَلَى الْقَضَاءِ مَا إذَا أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ وَفَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ بِتَقْدِيمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ قَالَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ وَكَيْفَ يَصِحُّ فِيهِ حَدُّ الْقَضَاءِ مَعَ أَنَّ الْجُلُوسَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْ صِفَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَوَقَعَ الْجَوَابُ بِأَنَّ سَحْنُونًا لَعَلَّهُ مَضَى عَلَى أَنَّ الْمَسْبُوقَ بَاقٍ فِي الْأَفْعَالِ قَاضٍ فِي الْأَقْوَالِ ثُمَّ نَظَرْنَا الْمَنْقُولَ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ فِي الْمَسْبُوقِ فَوَجَدْنَا النَّقْلَ عَنْهُ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ نَسَقًا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَانْظُرْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <   >  >>