للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرَّسْمِيِّ فِي حُدُودِهِ لَا أَنَّهَا كُلَّهَا عِنْدَهُ رُسُومٌ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَبَّهْنَا بِذَلِكَ هُنَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ ثَمَّةَ وَلَوْلَا الْخُرُوجُ عَنْ الْمَقْصِدِ لَذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُنَاسِبُ مَقْصِدَنَا

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا كَانَ إمَامًا فِي الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مُحَقِّقًا بِحَقَائِق الدَّقَائِقِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُلَاحِظَ مَقُولَةَ الْمَحْدُودِ مَعَ حَدِّهِ وَكَانَتْ الْمَقُولَاتُ عَشْرَةً جَوْهَرٌ وَعَرَضٌ وَالْعَرَضُ يَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْفِعْلِ وَالْكَيْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ وَقَدْ جُمِعَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ

زَيْدٌ طَوِيلٌ أَزْرَقُ ابْنُ مَالِكٍ ... فِي بَيْتِهِ بِالْأَمْسِ كَانَ مُتَّكَى

بِيَدِهِ سَيْفٌ لَوَاهُ فَالْتَوَى ... فَهَذِهِ عَشْرُ مَقُولَاتٍ حَوَى

وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَهُوَ

قَمَرٌ عَزِيزُ الْحُسْنِ الطَّفُّ مِصْرُهُ ... لَوْ قَامَ يَكْشِفُ غُمَّتِي لَمَا انْثَنَى

فَكُلُّ حَدٍّ ذَكَرَهُ يَرْجِعُ إلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقُولَاتِ وَلَوْلَا الطُّولُ لَذَكَرْنَاهُ فَلِهَذَا تَجِدُ الشَّيْخَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يُنَاسِبُ مَقُولَةَ الْمَحْدُودِ وَيَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الْجِنْسِ فَيَذْكُرُ الصِّفَةَ الْحُكْمِيَّةَ وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْكَيْفِ أَوْ النِّسْبَةِ وَيَقُولُ قُرْبَةٌ فِعْلِيَّةٌ فِيمَا يُنَاسِبُ الْفِعْلَ مِنْ الْمَحْدُودَاتِ وَيَقُولُ أَمَّا حَدُّهُ اسْمًا إنْ كَانَ مِمَّا يُنَاسِبُ الْجَوْهَرَ كَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّيْدِ وَيَظْهَرُ لَك ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ كُلِّ حَدٍّ فِي كِتَابِهِ فَإِنْ قُلْت إذَا صَحَّ لَك مَا أَشَرْت إلَيْهِ فَمَا بَالَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَذْكُرُ فِي بَعْضِ حُدُودِهِ اللَّقَبَ كَمَا قَالَ فِي الذَّبَائِحِ لَقَبٌ إلَخْ وَكَمَا ذَكَرَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ فَحَدُّ ذَلِكَ مُضَافًا وَلَقَبًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَوَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ وَاللَّقَبُ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ وَلَيْسَتْ بِجِنْسٍ لِلْمَحْدُودِ بِوَجْهٍ وَلَا مِنْ الْمَقُولَاتِ

فَالْجَوَابُ أَنْ نَقُولَ: مَا أَشَرْت إلَيْهِ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ ذَلِكَ فِي بَيَانِ لَفْظٍ رُكِّبَ وَجُعِلَ عَلَى مَجْمُوعِ أُمُورٍ لَقَبًا عَلَيْهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ تَفْسِيرِ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ عَلَى مَعَانٍ مَجْمُوعَةٍ فَهُوَ حَدٌّ لَفْظِيٌّ كَذَا وَقَعَ لِلشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَوْنِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُعَبِّرُ بِاللَّقَبِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَرَضَهُ فَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَإِلَّا فَسَلِمَ لَهُ أَنَّهُ حَدٌّ لَفْظِيٌّ لِتَعَذُّرِ التَّعْرِيفِ فِيهِ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ التَّفَطُّنُ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ فِي حُدُودِهِ وَاخْتِلَافِ عِبَارَاتِهِ فِيهَا وَاَللَّهُ

<<  <   >  >>