بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الِاعْتِكَافِ
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ " قَوْلُهُ " لُزُومُ " اللُّزُومُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ لُبْثٍ فِي " مَسْجِدٍ " أَوْ غَيْرِهِ وَلِذَا قَيَّدَهُ بِمَسْجِدٍ مُطْلَقٍ وَأَخْرَجَ بِهِ اللُّزُومَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ لِلْمُجَاوِرِ بِهَا أَوْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ " مُبَاحٍ " يُخْرِجُ مَسْجِدَ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَكَفُ فِيهِ وَقَوْلُهُ " لِقُرْبَةٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا كَانَ مُلَازِمًا لَا لِقُرْبَةٍ وَقَوْلُهُ " قَاصِرَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْمُتَعَدِّيَةَ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الِاعْتِكَافِ وَمَنْ لَازَمَ لَهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ وَبِهَا اعْتَرَضَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ " بِصَوْمٍ " الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ وَالصَّوْمُ رُكْنٌ فِيهِ أَوْ شَرْطٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَخْرَجَ بِهِ إذَا لَازِمُ الْمَسْجِدَ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَيَخْرُجُ بِهِ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صَوْمٌ وَقَوْلُهُ " مَعْزُومٌ ". صِفَةٌ لِلُزُومٍ لِأَنَّ اللُّزُومَ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ وَالْإِقَامَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِنِيَّةِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّوَامِ فَلِذَا خُصِّصَ اللُّزُومُ وَقَوْلُهُ " يَوْمًا وَلَيْلَةً " مُتَعَلِّقٌ بِدَوَامِهِ وَهُوَ أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَقِيلَ وَلَيْلَةٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فَعَرَّفَ الشَّيْخُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ عِنْدَهُ الْمَشْهُورُ وَانْظُرْ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ.
(فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِاللُّزُومِ مَعْنًى (قُلْتُ) ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لُزُومَ الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَعْزُومٌ عَلَى ذَلِكَ اللُّزُومِ - يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَيَكُونُ اللُّزُومُ الْمُرَادُ بِهِ اللُّبْثُ وَلَوْ رَدَّ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ سُؤَالًا حَاصِلُهُ مَا سِرُّ ذِكْرِ الدَّوَامِ فِي رَسْمِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ حُذِفَ لَصَحَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنِّي ظَهَرَ لِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute