للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قال الخطابي: القرن في الحيوان يضرب به المثل فيما لا يحمد من الأمور؛ كقوله -عليه السلام- في الفتنة وطلوعها من ناحية المشرق: «ومنه يطلع قرن الشيطان» ، وقال في الشمس أنها تطلع بين قرني الشيطان، والقرن: الأمة من الناس يُحدَثون بعد فناء آخرين، قال الشاعر:

إذا مضى القرن الذي أنت منهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب

وقال غيره: كان أهل المشرق يومئذٍ أهل كفر، فأخبر -عليه السلام- أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذلك كانت الفتنة الكبرى، التي كانت مفتاح فساد ذات البين، وهي مقتل عثمان -رضي الله عنه-، وكانت سبب وقعة الجمل وصفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق، وما وراءها من المشرق، ومعلوم أن البدع إنما ابتدأت من المشرق، وإن كان الذين اقتتلوا بالجمل وصفين بينهم كثير من أهل الشام والحجاز، فإن الفتنة وقعت في ناحية المشرق، وكان ذلك سبباً إلى افتراق كلمة المسلمين وفساد نيات كثير منهم إلى يوم القيامة، وكان رسول الله يحذر من ذلك ويعلمه قبل وقوعه، وذلك دليل على نبوته» .

ويتبين لكل ذي عينين من خلال النقولات السابقة وغيرها (١) ، أن (نجداً) المذكورة في بعض روايات الحديث ليست اسماً لبلد خاص، بل يقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها (نجد) ، وبناءً عليه؛ فـ (النجود) التي تعرفها العرب كثيرة (٢) .


(١) انظر -على سبيل المثال-: «إرشاد الساري» (١٠/١٨١) ، «فتح الباري» (١٣/٤٧) ، وهذا ما تجده في مادة (نجد) في (المعاجم العربية) ؛ كـ «القاموس» ، و «اللسان» ، وكتب (الغريب) ؛ كـ «النهاية» ، و «الفائق» .
(٢) انظرها في: «معجم البلدان» (٥/٢٦٥) ، «تاج العروس» (٢/٥٠٩) ، «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث» (الفهارس) (٨/٣٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>