الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله؛ نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتبه صاحب الفضيلة العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري، في الرد على الشيخ عبد الله بن زيد بن محمود، فيما زعمه من عدم صحة أحاديث المهدي المنتظر، وإنها موضوعة بل خرافة لا أصل لها، فألفيته قد أجاد وأفاد، وأوضح أحوال الأحاديث المروية في ذلك عند أهل العلم، وبيَّن صحيحها من حسنها من سقيمها، ونقل من كلام العلماء في ذلك ما يشفي ويكفي، ويدل على بطلان ما زعمه الشيخ عبد الله بن محمود.
ولقد تأملت ما ورد في هذا الباب من الأحاديث فاتضح لي صحة كثير منها، كما بيَّن ذلك العلماء الموثوق بعلمهم ودرايتهم؛ كأبي داود، والترمذي، والخطابي، ومحمد بن الحسين الآبري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، والشوكاني، وغيرهم -رحمهم الله-.
وقد نقل الشيخ حمود كلام هؤلاء وغيرهم، مما يدل على ثبوت خروج المهدي المنتظر الهاشمي؛ وهو محمد بن عبد الله الحسني، من ذرية الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وبيَّن أهل العلم بطلان قول من قال أنه المسيح عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام-، وضعفوا الحديث الوارد في ذلك، وبيَّنوا بطلان قول الشيعة في زعمهم أنه مهديهم.
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "المنار المنيف": "أكثر الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على أنه رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من ولد الحسن بن علي، يملأ الأرض قسطًا بعد ما مُلئت جورًا وظلمًا".
وقال محمد بن الحسين الآبري الحافظ في كتابه "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى خلفه" انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في كتابه "النهاية" ما نصه: "فصل في
ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان، وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وليس هو بالمنتظر الذي تزعمه الرافضة، وترتجي ظهوره من سرداب سامراء،