للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

قال ابن محمود في صفحة (٣): "أما بعد، فإن هذه الرسالة المسماة (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) اخترت لها هذه التسمية؛ لتكون عقيدة حسنة، تتذلل بها الألسنة من كل مسلم ومسلمة، لاعتقادي أنها حقيقة مسلمة".

والجواب: أن يقال إنه لينطبق على ابن محمود قول الشاعر:

يقضي على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن

وأبلغ من هذا قول الله -تعالى-: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وكيف تكون رسالة ابن محمود عقيدة حسنة، وحقيقة مسلمة، وهي مخالفة لما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخلفاء الراشدين المهديين، ومخالفة أيضًا لما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عيسى بن مريم -عليهما الصلاة والسلام-؛ أنه ينزل في آخر الزمان ويكون إمامًا مهديًا وحكمًا عدلا، ومخالفة أيضًا للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، وقد تقدم ذكرها فلتراجع (١)، وقد تلقاها أهل العلم بالقبول، ودونوها في كتبهم المعتمدة، ولا ينكرها إلا جاهل أو مكابر مباهت، لا يبالي برد الأحاديث الصحيحة وإطراحها، وبالجملة فلا يغتر برسالة ابن محمود إلا من هو جاهل لا يميز بين العقيدة الحسنة والعقيدة السيئة، ومن له أدنى علم ومعرفة بالحديث لا يشك أنها عقيدة سيئة مبتدعة، ولا شك أن المسلم العارف سيتذلل لسانه بإنكارها والتحذير منها؛ لمخالفتها لما عليه أهل السنة والجماعة.

وأما قوله في صفحة (٣): "بدأتها بدعوة العلماء والطلاب إلى الاتحاد على حسن الاعتقاد؛ من أنه لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر".

فجوابه أن يقال: قد روي الإمام أحمد، ومسلم، وأهل السنن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح،


(١) ص٩ - ١٧وص٢١.

<<  <   >  >>