ابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث": "أول من صنف الصحيح البخاري، وتلاه مسلم بن الحجاج وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز، إلى أن قال: أنهما لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما، ولا التزما ذلك؛ فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول، وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا، إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه، ثم ذكر ابن الصلاح أن المستدرك على الصحيحين للحاكم يشتمل مما فاتهما -أي الشيخين- على شيء كثير، قال: وإن يكن عليه في بعضه مقال، فإنه يصفو له منه صحيح كثير، قال: وقد قال البخاري: احفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، قال ابن الصلاح: وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثًا بالأحاديث المكررة، وقد قيل إنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث"، وفي حاشية "علوم الحديث" نقلاً عن ابن الصلاح أنه قال: "وهكذا صحيح مسلم هو نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرر، فقد روينا عن أبي قريش الحافظ قال: كنت عند أبي زرعة الرازي، فجاء مسلم ابن الحجاج فسلم عليه، فلما أن قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح، فقال: ولمن ترك الباقي".
قال ابن الصلاح:"ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشتهرة لأئمة الحديث؛ كأبي داود السجستاني، وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي بكر ابن خزيمة، وأبي الحسن الدارقطني، وغيرهم منصوصًا على صحته فيها، ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودًا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي، وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره، ويكفي مجرد كونه موجودًا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه؛ ككتاب ابن خزيمة، وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم؛ ككتاب أبي عوانة الاسفرائيني، وكتاب أبي بكر الإسماعيلي، وكتاب أبي بكر البرقاني، وغيرها من تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين. وكثير من هذا موجود في "الجمع بين الصحيحين" لأبي عبد الله الحميدي. واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين، وجمع ذلك في كتاب سماه "المستدرك" أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين، مما رآه على
شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما، أو على شرط البخاري وحده، أو على