على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وروى أبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا على الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفًا فصاعدًا»، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق أبي داود الطيالسي، قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".
وأما الحديث الذي فيه أن منهم من طوله مائة وعشرون ذراعًا، ومنهم من طوله قدر شبر، ومنهم من يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى، أو أن لهم قرونًا وأنيابًا مثل السباع، فكل هذه من الأحاديث الموضوعة، فلا يعول على شيء منها.
والصحيح ما قاله ابن كثير -رحمه الله تعالى- إنهم من بني آدم، وإنهم على أشكالهم وصفاتهم، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد والطبراني عن ابن حرملة، عن خالته -رضي الله عنها- قالت خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب، فقال:«إنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوًا حتى يخرج يأجوج ومأجوج، عراض الوجوه صغار العيون صهب الشعاف، من كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة»، قال الهيثمي: "رجالهما رجال الصحيح". الشعاف: الشعور.
وأما ما نقل عن كعب الأحبار في صفة بدء خلقهم، وأن أدم احتلم فاختلط ماؤه بالتراب فخلق منه يأجوج ومأجوج، فهو قول باطل مردود؛ لأن الله -تعالى- قال مخبرًا عن نوح -عليه الصلاة والسلام-: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}، فدلت هذه الآية الكريمة على أن يأجوج ومأجوج من ذرية نوح -عليه الصلاة والسلام-، وقد روى الحاكم في مستدركه، عن سعيد بن المسيب أنه قال: "ولد نوح -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة؛ سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم وفي كل هؤلاء خير، وولد حام السودان والبربر والقبط، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج"، ورواه البزار في مسنده من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه مرفوعًا:«وُلِدَ لنوح سام وحام ويافث، فوُلِدَ لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد لحام القبط والبربر والسودان»، في إسناده محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي عن أبيه، وكلاهما ضعيف، قال ابن كثير: "والمحفوظ عن سعيد من قوله، وهكذا روي عن وهب بن منبه مثله". انتهى.