أقول لو عاش الإمامان إلى هذا التجديد في الفلسفة الغربية لكان لهما رأي آخر في آيات الأنبياء وخوارقهم ومعجزاتهم، ولكان لهما إيمان وفرح بأحاديث أشراط الساعة والخوارق، ولاستفادا منها علومًا نفيسة من الوحي الإلهي.
ثم قال محمد عبد الرازق حمزة:"أنا تلميذ السيد رشيد رضا، واستفدت منه ما أشكر الله عليه وأشكر أستاذي على ذلك وأترحم عليه لأجله، ولكن ذلك لا يمنعني أن أخالفه إلى ما يظهر لي من الحق، كما قال أحد الحكماء عن شيخه إنه يحبه والحق أحب إليه من شيخه".
وقال محمد عبد الرازق حمزة في صفحة (٢٧١): "ولقد ذكرنا فيما مضى أن الأستاذ الإمام قد رضع فلسفة القرن التاسع عشر والثامن عشر التي كانت شائعة في أوربا في عصره، وكان أساطينها أمثال كانت، وجوستاف لوبون، وسبنسر، وجوته وغيرهم، فتعارضت عنده مع ما جاء على ألسنة الرسل من ذكر السحر والجن والشياطين وخوارق المعجزات، فأراد أن يجمع بين تلك الفلسفة المادية التي تجعل الكون آلة تسيرها سنن لا تنخرم ولا تتخلف، وبين ما أثبتته الأديان من معجزات الأنبياء والرسل، فذهب يؤولها حتى تنسجم مع ما رضع من فلسفة الماديين".
وذكر الشيخ محمد عبد الرازق حمزة أيضًا في صفحة (٢٧٤): "أن السيد رشيد حاول تأويل بعض الأحاديث، وهي ما كانت تشكل عليه في الجمع بينها وبين تفكيره العصري، الذي أخذه عن شيخه الأستاذ الإمام، عن فلسفة القرن التاسع عشر وما قبله من الفلسفة المادية، التي لا تجتمع مع ما جاءت به الديانات". انتهى.
وللشيخ أحمد محمد شاكر في صفحة (١٢٤) إلى أثناء صفحة (١٢٩) من تعليقه على الجزء الثاني عشر من مسند الإمام أحمد كلام جيد جدًا في الرد على بعض العصريين، الذين لعبوا بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه» الحديث، قال في أثنائه: "لم نر فيمن تَقدَّمَنا من أهل العلم من اجترأ على ادعاء أن في الصحيحين أحاديث موضوعة، غاية ما تكلم فيه العلماء نقد أحاديث فيهما بأعيانها، لا بادِّعاء وضعها والعياذ بالله، ولا بإدعاء ضعفها، إنما نقدوا عليهما أحاديث ظنوا أنها لا تبلغ في الصحة الذروة العليا التي التزمها كل منهما، وهذا مما أخطأ فيه كثير من الناس، ومنهم أستاذنا السيد رشيد رضا -رحمه الله- على علمه بالسنة وفقهه، ولم يستطع قط أن يقيم حجته على ما يرى ........