قال لمعاذ:«من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة» قال: ألا أبشر الناس؟ قال:«لا إني أخاف أن يتكلوا» هذا لفظ إحدى روايتي البخاري، ونحوه عند أحمد.
وقال ابن محمود في صفحة (١٥): ومثله إخباره حذيفة بأسماء ثلاثين من المنافقين، وأمره بكتمانها، فكان الصحابة لا يصلون إلا على من صلى عليه حذيفة، ويسمونه صاحب السر المكتوم.
والجواب: أن يقال: قد روى الإمام أحمد ومسلم من حديث أسود بن عامر، حدثنا شعبة بن الحجاج، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس - وهو ابن عباد- قال:"قلت لعمار: أرأيتكم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي، أرأيًا رأيتموه أو شيئًا عهده إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ " فقال: ما عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا لم يعهده إلى الناس كافة، ولكن حذيفة أخبرني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «في أصحابي اثنا عشر منافقًا، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة» وأربعة لم أحفظ ما قاله شعبة فيهم. هذا لفظ مسلم، وزاد في رواية له:«ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة، سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم».
وفي المسند وصحيح مسلم أيضًا عن أبي الطفيل قال:"كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس"، فقال:"أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟ " قال: "فقال له القوم: أخبره إذ سألك"، قال:"كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله إن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا علمنا بما أراد القوم".
وروى الطبراني في الكبير، عن صلة بن زفر، قال:"قلنا لحذيفة: كيف عرفت أمر المنافقين ولم يعرفه أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ولا عمر -رضي الله عنهم؟ "، قال:"إني كنت أسير خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنام على راحلته، فسمعت ناسًا منهم يقولون: لو طرحناه عن راحلته فاندقت عنقه فاسترحنا منه، فسرت بينهم وبينه، وجعلت أقرأ وأرفع صوتي، فانتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، فقال:«من هذا؟» فقلت: "حذيفة"، قال:«من هؤلاء؟» قلت: "فلان وفلان حتى عددتهم"، قال:«أو سمعت ما قالوا؟»، قلت:"نعم ولذلك سرت بينك وبينهم"، قال: «فإن هؤلاء فلانا وفلانا- حتى عد أسماءهم- منافقون ............