كلام ابن محمود من الخليط الذي حصل له بعد توسعه في العلوم والفنون.
وأما قوله: وسيقود الجموع لقتال بني أمية.
فجوابه: أن أقول: لم أر هذا مذكورًا عن أحد من العلماء، وإنما ذكروا عن الكيسانية أنهم قالوا عن محمد بن الحنفية إنه يرجع إلى الدنيا فيملؤها عدلا.
وأما قوله: وسموا بالسبئية.
فجوابه: أن يقال: هذا وهم وغلط، والصواب أنهم كانوا يسمون الكيسانية.
وأما قوله: إن كثير عزة سبئي.
فجوابه: أن يقال: هذا وهم وغلط، والصواب أنه كان كيسانيًا.
وأما قوله: في شعر كُثير: يقود الجيش.
فجوابه: أن يقال: صوابه الخيل.
وقال ابن محمود في صفحة (١٧): "ولقد عاش الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون، ثم عاش من بعدهم العلماء والسلف الصالحون ممن كانوا في القرون الثلاثة المفضلة، ثم عاش من بعدهم جميع العلماء والحكام، ومنهم؛ عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود الشهيد، وصلاح الدين الأيوبي، وجميع الناس بعدهم؛ وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، فلم يُنقِص إيمانهم وتقواهم عدم وجود المهدي من بينهم، لعلمهم واعتقادهم أن الدين كامل بدونه، فلا حاجة لهم به، خرج أو لم يخرج".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن أقول: قد ذكرت فيما تقدم أنه لم يؤثر عن أحد من المسلمين أنه قال إن المهدي يأتي بدين جديد، ولا قال أحد إن دين الإسلام ناقص وإن المهدي يأتي ليكمله، ومن زعم أن الدين ناقص وأن المهدي يأتي ليكمله فليس بمسلم (١)، وذكرت قريبًا أن طريقة المهدي كطريقة غيره من أئمة العدل الذين يعملون بالكتاب والسنة، وينشرون القسط والعدل، ويزيلون الجور والظلم، فما ردده ابن محمود من التوهمات الخاطئة عن المهدي فكل ذلك باطل مردود.
الوجه الثاني: أن يقال: إنما يزيد الإيمان بالطاعة وينقص بالمعصية، ومن أعظم الطاعات تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل ما أخبر به من أنباء الغيب مما مضى وقوعه ......................