للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخروجه فلا شك أنه فاسد العقيدة، وأنه ممن تجري عليه أحكام هذا الحديث الصحيح.

وأما قوله: وما هي إلا حكايات عن أحداث تكون في آخر الزمان أو في أوله، يقوم بها فلان أو فلان بدون ذكر المهدي، فليست من العقائد الدينية كما زعم دعاتها والمتعصبون لصحتها.

فجوابه: أن يقال: ليس الأمر كما زعمه ابن محمود، من أن أحاديث المهدي حكايات عن الأحداث التي قام بها الذين ادعوا المهدية قديمًا وحديثا، وإنما هي إخبار عن إمام عادل يخرج في آخر الزمان، فيملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، فمن آمن بخروجه فإنما يؤمن بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ومن كذب بخروجه فإنما يكذب بإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ومن قال إن الإيمان بأنباء الغيب ليس من العقائد الدينية فهو إما جاهل أو مكابر.

وأما قوله: وقد ثبت بطريق الواقع المحسوس أن فكرة المهدي أصبحت فتنة لكل مفتون .... إلى آخر كلامه.

فجوابه: أن يقال: إن افتتان المفتونين بدعوى المهدية كذبًا وزورًا لا يؤثر في صحة الأحاديث الواردة في المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، كما لا تؤثر دعوى من ادعى النبوة من الكذابين في نبوة نبينا وغيره من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، وقد قال الله -تعالى-: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ}، وقد فضح الله كل من ادعى النبوة بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك قد فضح الله كل من ادعى المهدية كذبًا وزورًا، وأبطل كيدهم وكفى المسلمين شرهم.

وأما قوله: والحاصل أنه يجب طرح فكرة المهدي وعدم اعتقاد صحته.

فجوابه: أن أقول: قد ذكرت مرارًا أن خروج المهدي في آخر الزمان ليس مجرد فكرة، وإنما هو ثابت بالأحاديث الصحيحة والحسنة، وما كان كذلك فإنه يجب اعتقاد صحته، ويحرم إطراح ما جاء فيه من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما قوله: وعندنا كتاب الله نستغني به عنه، كما لدينا سنة رسول الله الصحيحة الصريحة.

فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن المهدي لا يأتي بشرع جديد حتى يقول المجازف: عندنا كتاب الله نستغني به عنه، كما لدينا سنة رسول الله.

<<  <   >  >>