وابن حجر العسقلاني (١). وهؤلاء من أكابر علماء الحديث ونقاده، فلا يساوي بينهم وبين رشيد رضا، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، وأمثالهم من أهل المجازفة والجراءة على رد الأحاديث الثابتة بغير حجة، ولا يعد خلاف هؤلاء لمن ذكرنا من المحدثين وغيرهم من أكابر العلماء خلافًا معتبرًا، وإنما يعد لاغيًا لا فرق بين وجوده وعدمه، ومن قَبِلَ أقوال هؤلاء المجازفين وزعم أنه خلاف قوي معتبر وعارض به الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا شك في سوء اختياره وفساد عقيدته، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. وهل يستجيز عاقل أن يقدم مجازفة رشيد رضا، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، وأمثالهم من العصريين في معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أقوال الأئمة الحفاظ النقاد، الذين خرجوا بعض أحاديث المهدي، والذين صححوا الصحيح منها وردوا الضعيف؟ كلا لا يستجيز ذلك من له أدنى مسكة من عقل.
الوجه الثالث: أن يقال: من أنكر شيئًا مما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالإنكار عليه واجب على كل مسلم، ومن ذلك إنكار ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، فمن أنكر خروجه فإنه يجب الإنكار عليه؛ لأنه لا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما قول ابن محمود: إنه لا ينكر على من أنكره - يعني المهدي- وإنما يتوجه الإنكار على من قال بخروجه.
فجوابه: أن يقال: هذا من قلب الحقيقة وعكس القضية، والحق في هذه القضية بخلاف ما زعمه ابن محمود؛ لأن الإنكار لا يكون على من اعتمد على الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يجب الإنكار على من أنكرها وأطرحها.
وقال ابن محمود في صفحة (٣٠):"ثانيًا: ليس من عقيدة الإسلام والمسلمين الإيمان به كالإيمان بوجود الرب، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالبعث بعد الموت، والإيمان بالجنة والنار، إذ هذه من أمور الآخرة التي يجب اعتقادها ووقوعها جلية للعيان في دار الآخرة، وقد أثبتها القران وصحيح السنة، وليس منها الإيمان بالمهدي.
والجواب: أن يقال: إن القول في خروج المهدي في آخر الزمان كالقول في غيره من أشراط الساعة؛ مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ............