وممن جمع الأحاديث والآثار الواردة في المهدي نعيم بن حماد شيخ البخاري، جمع منها فأكثر في كتاب "الفتن"، وممن جمع أحاديث المهدي أيضًا أبو بكر بن أبي خيثمة؛ ذكر ذلك السهيلي في "الروض الأنف" في ذكر إسلام خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، فقد ذكر فيه عدة فضائل لفاطمة -رضي الله عنها-، ثم قال:"ومن سؤددها أيضًا أن المهدي المبشر به في آخر الزمان من ذريتها"، قال:"والأحاديث الواردة في أمر المهدي كثيرة، وقد جمعها أبو بكر ابن أبي خيثمة فأكثر". انتهى.
وممن ذكر المهدي جازمًا بخروجه أبو سليمان الخطابي، نقله عند عبد الرحمن المباركفوري في "تحفة الأحوذي" في "باب ما جاء في تقارب الزمن وقصر الأمل"، فقد أورد الترمذي في الباب حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان؛ وتكون السنة كالشهر, والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار»، قال المباركفوري في شرح هذا الحديث:"قال الخطابي ويكون ذلك في زمن المهدي أو عيسى -عليهما الصلاة والسلام- أو كليهما، قال القاري: والأخير هو الأظهر، لظهور هذا الأمر في خروج الدجال وهو زمانهما". انتهى.
وممن ألف في المهدي أبو نعيم الحافظ، وقد نقل ابن القيم في كتابه "المنار المنيف" عدة أحاديث مما رواه أبو نعيم في "كتاب المهدي"، وممن جمع الأحاديث والآثار الواردة في المهدي جلال الدين السيوطي؛ جمع ذلك في جزء سماه "العرف الوردي في أخبار المهدي"، ولخص فيه الأربعين التي جمعها أبو نعيم في المهدي، وقد جمع أخبار المهدي كثير من المتأخرين فلا أطيل بذكرهم.
وفيما ذكرته من التراجم في ذكر المهدي، وما قاله البربهاري والآبري وغيرهما من أكابر العلماء أبلغ رد على مزاعم ابن محمود في إنكاره لخروج المهدي، وقوله إن فكرة المهدي ليست من عقائد أهل السنة القدماء.
وقد قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف": "اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال؛ أحدها أنه المسيح ابن مريم، الثاني إنه المهدي الذي ولي من بني العباس، الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلا، وأكثر الأحاديث على هذا تدل.