يحثو المال حثوًا ولا يعده عدًا، وكل هؤلاء أشخاص غائبون وسيخرجون في آخر الزمان كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه-، فهل يؤمن ابن محمود بخروج هؤلاء الأشخاص في آخر الزمان، أم يقول فيهم مثل قوله في المهدي؟ فإن آمن بخروجهم في آخر الزمان انتقض قوله في المهدي، وإن لم يؤمن بخروجهم فتلك بلية من أعظم البلايا عليه.
وإذا كان موقف ابن محمود من خروج المهدي ما تقدم عنه من المبالغة في إنكاره، والمكابرة في رد الأحاديث الثابتة فيه، ووصفها بالصفات الذميمة، وزعمه أن التصديق بخروج المهدي من الركون إلى الخيال والمحالات، والاستسلام للأوهام والخرافات، فماذا يكون موقفه مما هو أعظم من ذلك من خوارق العادات، التي ستكون في آخر الزمان؟ مثل تكليم الأحجار والأشجار والحوائط والدواب للمسلمين الذين يقاتلون اليهود في آخر الزمان، فقد جاء ذلك في عدة أحاديث بعضها في الصحيحين وبعضها في غيرهما.
منها ما رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله»، وفي رواية لمسلم:«لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي فتعال فاقتله».
ومنها ما رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر، فيقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي يختبئ ورائي تعال فاقتله»، هذا لفظ أحمد ولفظ البخاري نحوه، ولفظ مسلم قال:«لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنها من شجر اليهود» ورواه الإمام أحمد أيضًا بهذا اللفظ.
ومنها ما رواه ابن ماجة عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- في حديثه الطويل في ذكر خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- وقتله الدجال، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة، إلا ..................