هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه» رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والدارمي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وأبو بكر الآجري في كتاب الشريعة، من حديث المقدام بن معد يكرب الكِندي -رضي الله عنه-، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بعض الأنبياء وغيرهم من الماضين بقصص لم تذكر في القرآن، وأخبر أيضًا عما سيكون بعده إلى قيام الساعة، وعما يكون بعد ذلك إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وما يكون بعد ذلك، وكثير مما أخبر به لم يذكر في القرآن، وكذلك الصلاة والزكاة والحج، فإنها لم تذكر في القرآن على وجه التفصيل، وإنما ذكرت فيه على وجه الإجمال، وجاء تفصيل أحكامها في السنة، وكذلك أكثر الأحكام، فإن بعضها لم يذكر في القرآن، وبعضها قد ذكر فيه على وجه الإجمال، وفصلت أحكامه في السنة، وقد تلقى أهل العلم ما ثبت من ذلك بالقبول والتسليم، ولا أعلم أحدًا قبل ابن محمود توقف عن قبول الأحاديث التي رواها الثقات عن الثقات، وقال إنه لا يحتفل بها - أي لا يبالي بها- من أجل أن ذلك لم يذكر في القرآن، فهذا قول باطل أحدثه ابن محمود وهو مردود عليه.
وأما قوله: مما يقلل عدم الاحتفال بها.
فجوابه: أن يقال: إن كلام ابن محمود ينقض بعضه بعضًا؛ لأنه إذا قلَّ عدم الاحتفال بأحاديث المهدي- أي قلَّ عدم المبالاة بها-، فإنها تصير إذا مما يحتفل به - أي مما يبالي به- والظاهر من كلام ابن محمود أنه أراد أن يقول: مما يقلل الاحتفال بها. فزاد قوله "عدم" فانعكس مراده، وصار كلامه متناقضًا.
وقال ابن محمود في صفحة (٦) وصفحة (٧): "ومنها تناقض هذه الأحاديث وتعارضها في موضوعها، فمهدي اسمه اسم الرسول واسم أبيه اسم أبيه، ومهدي اسمه أبو عبد الله، ومهدي يشبه الرسول في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلق، ومهدي يصلحه الله في ليلة، ورجل يخرج هاربًا من المدينة إلى مكة فيبايع له بين الركن والمقام، ورجل اسمه الحارث بن حران يوطِّئ أو يمكن لآل محمد، ورجل يخرج من وراء النهر، ورجل يبايع له بعد وقوع فتنة عند موت خليفة، ورجل أخواله كلب وتأتيه الرايات السود من قبل العراق وأبدال الشام، ومهدي يصلي عيسى ابن مريم