للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زراع، قال شمس الحق في "عون المعبود": "هكذا في أكثر النسخ وهو المعتمد، وفي بعض النسخ الحارث بن حراث". انتهى، وقد صحَّف ابن محمود فقال اسمه الحارث بن حران، بالنون، وصوابه الحارث حراث بالثاء المثلثة، وزعم ابن محمود أن الحارث والذي يخرج من وراء النهر رجلان، وأن كلا منهما يقال فيه أنه المهدي، وهذا من أغلاطه أو من مغالطته؛ لأن الذي جاء في الحديث أن الذي يخرج من وراء النهر هو الحارث، وأنه يوطِّئ أو يمكِّن لآل محمد - صلى الله عليه وسلم -، فليس هو بالمهدي، وإنما هو من أنصار المهدي، وقد ذكرت أن الحديث ضعيف الإسناد فلا يعتمد عليه.

وأما الرجل الذي أخواله من كلب، فلم يقل أحد أنه المهدي كما قد زعم ذلك ابن محمود يريد بذلك المغالطة، وإنما هو رجل من قريش يبعث جيشًا لقتال المهدي فيهزمهم جيش المهدي ويظهر عليهم، وقد تقدم بيان ذلك في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- (١).

وأما قوله: ومهدي يصلي عيسى ابن مريم خلفه، ومهدي يقال له بحضرة نبي الله عيسى: صلِّّ أيها الأمير، فيقول: كل إنسان أمير نفسه.

فجوابه: أن يقال هذا تكرار أُرِيدَ به المغالطة؛ لأن الرجل الذي يصلي عيسى خلفه هو المهدي، وعيسى -عليه الصلاة والسلام- هو الذي يقول للمهدي: تقدم فصلِّ فإنها لك أقيمت، كما جاء ذلك في حديث أبي إمامة الذي رواه ابن ماجة وابن خزيمة والحافظ الضياء في "المختارة"، وهو حديث طويل فيه ذكر خروج الدجال ونزول عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وفيه فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال: «هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصلِّ، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم» الحديث.

وروى الإمام أحمد ومسلم من حديث أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل بنا،


(١) ص ١٦ - ١٧.

<<  <   >  >>