إسنادها بعض الضعف والغرابة، فهي مما يقوي بعضها بعضًا ويشد بعضها ببعض.
فهذه أقوال أهل السنة، وأما الرافضة الأمامية فلهم قول رابع؛ وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن، ثم ذكر مهدي المغاربة وهو محمد بن تومرت، ومهدي القرامطة الباطنية وهو عبيد الله بن ميمون القداح، ثم قال: والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي، والرافضة الإثني عشرية لهم مهدي، فكل هذه الفرق تدَّعي في مهديها الظلوم الغشوم والمستحيل المعدوم أنه الإمام المعصوم والمهدي المعلوم الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر بخروجه. انتهى المقصود من كلامه.
وقد قرر فيه خروج المهدي في آخر الزمان، وصحح بعض الأحاديث الواردة فيه وحسن بعضها، فليتأمله العلماء المنصفون، وليقابلوا بينه وبين أقوال المجازفين في رد الأحاديث الثابتة في المهدي، القائلين على بعض العلماء ما لم يقولوه.
وأما قوله: ومنهم الشاطبي صاحب "الاعتصام" فقد ألحق المهدية والإمامية بأهل البدع، ويعني بالمهدية الذين يعتقدون صحة خروج المهدي.
فجوابه: أن يقال: في كلام ابن محمود إيهام وتلبيس، وقد تصفحت كتاب "الاعتصام" للشاطبي، فرأيته ذكر بعض أقوال ابن التومرت المغربي المتسمي بالمهدي في تسعة مواضع وندَّد به، فأما أحاديث المهدي المبشر بخروجه في آخر الزمان فما أورد منها شيئًا، ولكنه أشار إليها في صفحة (٢٥٣) من الجزء الثاني من النسخة المطبوعة في مطبعة المنار سنة ١٣٣١ هـ، ولم يتعرض لها بالإنكار والرد، وهذا نَصُ كلامه قال:"وقد وضع القتل شرعًا معمولا به على غير سنة الله وسنة رسوله، المتسمي بالمهدي المغربي، الذي زعم أنه المبشر به في الأحاديث". انتهى. فقول الشاطبي: المبشر به في الأحاديث، صريح في أنه يرى أن المهدي المبشر به في الأحاديث حق، وأنه غير المغربي الذي زعم أنه المهدي المبشر به.
وأما قوله: إن الشاطبي ألحق المهدية والإمامية بأهل البدع.
فجوابه: أن يقال: هذا من القول على الشاطبي بما لم يقل، وقد ذكرت عن الشاطبي أنه ذكر المغربي المدعي أنه المهدي - وهو ابن التومرت الكذاب المتبدع، ذكره في تسعة مواضع من كتاب "الاعتصام" وندد به، ولم يلحق المهدية والإمامية بأهل البدع خاصة، ولم يقل إنه لا مهدي ولا إمام من غيرهم.