للأرض، ولا بد من كون هذا، ولهذا قال:{وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}، كما قال -تعالى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} الآية، ولهذا قال ههنا:{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}؛ يعني يوم فتح السد على الصحيح". انتهى.
ويجب أيضًا الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، عن النواس بن سمعان وابن مسعود وحذيفة -رضي الله عنهم- أن يأجوج ومأجوج إنما يخرجون على الناس بعد نزول عيسى ابن مريم وقتل الدجال، وقد قال الله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}، فدلت الآيتان على أن فتح يأجوج ومأجوج إنما يكون عند اقتراب الساعة، وقد جاء في حديث حذيفة بن أسيد، وحديث واثلة بن الأسقع، أن خروج يأجوج ومأجوج من الآيات العشر الدالة على اقتراب الساعة، وقد تقدم إيراد الحديثين قريبًا فليرجع إليهما (١).
وأما قوله: وتسلط بعض الملاحدة على التكذيب بالقرآن من أجلهم، وقالوا إن القرآن يذكر أشياء لا وجود لها.
فجوابه: أن يقال: إن الملاحدة قد تسلطوا على تكذيب القرآن في أشياء كثيرة غير السد ويأجوج ومأجوج، ولا سيما معجزات الأنبياء وما أيدهم الله به من خوارق العادات؛ مثل انشقاق القمر، وفلق البحر لموسى حتى صار كل فرق كالطود العظيم، وجعل العصا حية تسعى، وتفجير العيون من الحجر الصغير الذي يحمل على الدابة، وإهلاك الأحباش بالأحجار التي تحملها الطير في مناقيرها وأرجلها، إلى غير ذلك من المعجزات والخوارق التي لا تحتملها عقول الملاحدة، فلا يستكثر منهم التكذيب بوجود السد ويأجوج ومأجوج.
وأما قوله: فبينما هم في غمرة من الجهل ساهون إذ طلع عليهم نور هداية ودلالة، يحمله علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي -رحمه الله- ويخبرهم عن حقيقة فتح يأجوج ومأجوج، قائلا: لا تبعدوا النظرة ولا تسرحوا في الفكرة، فإن يأجوج ومأجوج عن أيمانكم وعن شمائلكم ومن خلفكم، فما هم إلا أمم الكفار على اختلاف أجناسهم وأوطانهم.