وخروج يأجوج ومأجوج واختلاطهم بالناس، فهذا أخف من القول الأول لما فيه من التأويل، ولا ينبغي أن يطلق الكفر على قائله، ولكن لا يجوز اعتقاده؛ لأنه قول باطل مخالف لما أخبر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن السد، أنه لا يندك إلا إذا دنا قيام الساعة، وأن خروج يأجوج ومأجوج إنما يكون بعد نزول عيسى وقتل الدجال.
فصل
قال ابن محمود في صفحة (٧٤، ٧٥، ٧٦) الحديث عن يأجوج ومأجوج، "لقد أكثر السفاريني في كتابه "لوائح الأنوار" من أحاديث يأجوج ومأجوج على صفة ما عمله في أحاديث المهدي؛ لأنه حاطب ليل يجمع الغث والسمين والصحيح والسقيم، ونحن نسوق لك قليلا من كثير من أحاديثه التي ذكرها منها حديث:«إن منهم من طوله مائة وعشرون ذراعًا، ومنهم من طوله قدر شبر، ومنهم من يفترش شحمة أذنه ويلتحف بالأخرى»، وحديث:«إنه لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من أولاده»، وأحاديث تصفهم بصفة الإرهاب، وأن لهم أنيابًا كالسباع وقرون، ونقل عن كعب الأحبار في صفة بدء خلقهم: وذلك أن آدم احتلم فاختلط ماؤه بالتراب، فخلق منه يأجوج ومأجوج، قال: فهم إخوتنا لأبينا. كل هذه وما هو أكثر منها ذكرها السفاريني، ويأجوج ومأجوج قد أخبر الله عنهم في كتابه مما لا شك فيهم، فقال -سبحانه-: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ}، وقال:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ}، فالمسلمون يصدقون في وجودهم بلا شك، ولكنهم يخوضون في أمرهم، وفي مكان وجودهم، وفي صفة خلقهم، مع علمهم أنهم من نسل آدم بل ومن ذرية نوح، وأوصافهم لا تنطبق على أوصاف الملائكة، ولا على أوصاف بني آدم، ولا يدرون كيف يخرجون على الناس، أينزلون عليهم من السماء أم ينبعون من الأرض؟! لعلمهم أن الناس قد اكتشفوا سطح الأرض كلها فلم يروهم ولم يروا سدًا، وتسلط بعض الملاحدة على التكذيب بالقرآن من أجلهم، وقالوا: إن القرآن يذكر أشياء لا وجود لها، فبينما هم كذلك في غمرة من الجهل ساهون إذ طلع عليهم نور هداية ودلالة، يحمله علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي -رحمه الله- ويخبرهم عن حقيقة فتح يأجوج ومأجوج قائلا: لا تبعدوا النظرة ...................................................