الوجه السادس: أن يقال: إن الروم ليس بينهم وبين المسلمين شيء من السدود البتة، وقد كان العرب يختلطون بهم في الجاهلية والإسلام، ولو كانوا من يأجوج ومأجوج لما قدر أحد على الاختلاط بهم، ولكانوا قد أهلكوا العرب وغير العرب من كل ما أتوا عليه، كما هو منصوص عليه في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي تقدم ذكره.
الوجه السابع: أن يقال: من المستحيل أن يغزو المسلمين يأجوج ومأجوج وأن يدعوهم إلى الإسلام؛ لأن الاتصال بهم غير ممكن من أجل السد الحائل بينهم وبين الناس، ومن زعم أن المسلمين قد غزوهم ودعوهم إلى الإسلام فلا شك أنه لا يدري ما يقول.
وأما قوله: ولما أخرج الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- رسالته في تحقيق أمر يأجوج ومأجوج على صفة ما ذكره في تفسيره واستنباطه، أنكر عليه بعض العلماء ذلك واتهموه بأنه يكذب القرآن، واستدعي للمحاكمة زمن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -رحمه الله- فبرهن عن حقيقة رسالته، وأنها تصدق القرآن، وتزيل اللبس والشك عنه، وترد على الملحدين قولهم وسوء اعتقادهم، لهذا تبين للعلماء حسن قصده، وزال عن الناس ظلام الأوهام وضلال أهل الزيغ والبهتان، وصار لهذه الرسالة الأثر الكبير في إخماد نار الفتنة بيأجوج ومأجوج، حتى استقر في أذهان العلماء والعوام صحة ما قاله بمقتضى الدليل والبرهان.
فجوابه: أن أقول: قد ذكرت قريبًا أن الشيخ ابن سعدي قد قرر في تفسيره في أمر يأجوج ومأجوج خلاف ما قرره في رسالته، وقد كان طبعه للتفسير بعد إخراجه للرسالة بنحو من سبع عشرة سنة، وفي طبعه لتفسيره مع ما فيه من المخالفة لما قرره في رسالته دليل ظاهر على رجوعه عما كان قرره في الرسالة، وفي تمسك ابن محمود بما قرره ابن سعدي في رسالته وإعراضه عما قرره في تفسيره أوضح دليل على سوء اختيار ابن محمود، وميله إلى الأقوال الشاذة والآراء المنحرفة.
وأقول أيضًا: إن رسالة ابن سعدي في أمر يأجوج ومأجوج خالية من ...........