التحقيق، وقد رأيت النسخة التي بعث بها أحد المشايخ إلى الملك عبد العزيز، وهي بخط المؤلف، وقرأتها كلها فلم أر فيها شيئًا من التحقيق عن يأجوج ومأجوج، ورأيت أيضًا رسالته المختصرة، وهي التي اعتمد عليها ابن محمود ونقل منها، وحاصل التحقيق الذي زعم ابن محمود أنه فيها هو المخالفة لما أخبر الله به في كتابه عن فتح يأجوج ومأجوج، وأنه يكون عند اقتراب الساعة، والمخالفة أيضًا لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن خروج يأجوج ومأجوج إنما يكون في آخر الزمان بعد نزول عيسى ابن مريم وقتل الدجال، وإذا كانت رسالة ابن سعدي مخالفة للقرآن والأحاديث الصحيحة، فأي تحقيق يكون فيها وأي فائدة ترجى من ورائها.
وأما قوله: على صفة ما ذكره في تفسيره.
فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في كلام ابن محمود من التمويه الذي يشهد الواقع بخلافه، وذلك لأن ابن سعدي قد قرر في تفسيره في أمر يأجوج ومأجوج خلاف ما قرره في رسالته التي تعلق بها ابن محمود، وقد ذكرت قريبًا ما ذكره ابن سعدي في تفسيره فليراجع (١)، ففيه أبلغ رد على ابن محمود.
وأما إنكار العلماء لرسالة ابن سعدي فهو صحيح، ولا أعلم عن أحد من العلماء النجديين أنه وافق ابن سعدي على رسالته في أمر يأجوج ومأجوج.
وأما قول ابن محمود: إن ابن سعدي استدعي للمحاكمة زمن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن.
فجوابه: أن يقال: أما الاستدعاء فهو واقع، وأما المحاكمة فلم تقع، وخلاصة القصة أن الشيخ ابن سعدي لما كتب رسالته في يأجوج ومأجوج أرسلها أحد المشايخ إلى الملك عبد العزيز -رحمه الله-، فعرضها الملك على بعض أكابر العلماء فأنكروها غاية الإنكار، فاستدعاه الملك إلى الرياض، فلما حضر إلى مجلس الملك حضر معه أكابر العلماء بأمر من الملك؛ ليناظروا ابن سعدي إن دعت الحاجة إلى المناظرة، فأخبرني من كان حاضرًا معهم، أنه لما دخل عليهم الملك وهم في مجلسه قاموا جميعًا للسلام عليه ومعهم الشيخ ابن سعدي، وبعد السلام على الملك جلس كل رجل منهم في مجلسه، فأخذ الملك يتهدد ويتوعد كل من خالف الكتاب والسنة بأنه سيفعل به ويفعل، وكلهم يعلمون أنه يريد بالتهديد والوعيد الشيخ ابن سعدي، .........................