والجواب: أن يقال: ليس الأمر على ما توهمه ابن محمود على ابن القيم والشاطبي من أنهما قد أيَّدا قول ابن خلدون، بل الأمر في الحقيقة على خلاف ذلك، فأما ابن القيم -رحمه الله تعالى- فقد نقل في كتابه "المنار المنيف" عن أبي الحسين محمد بن الحسين الآبري أنه قال في كتابه "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه". انتهى، وقد أقره ابن القيم -رحمه الله تعالى- على هذا القول ولم يتعقبه بشيء.
ولو كان الأمر على ما توهمه ابن محمود لكان ابن القيم ينكر هذا الكلام ولا يقره، ونقل ابن القيم أيضًا عن البيهقي كلامًا له في تضعيف حديث أنس -رضي الله عنه- الذي فيه «ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم» ثم قال: "والأحاديث على خروج المهدي أصح إسنادًا". انتهى.
وقد أقره ابن القيم على هذا القول، وذكر ابن القيم أيضًا حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المهدي مِنِّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين». ثم قال:"رواه أبو داود بإسناد جيد، من حديث عمران بن داور العمي القطان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وروى الترمذي نحوه من وجه آخر، عن أبي الصديق الناجي عنه"، وذكر ابن القيم أيضا حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي أوله:«يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام» الحديث، قال ابن القيم:"والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح"، وذكر أيضًا ما رواه أبو نعيم في كتاب المهدي من حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله». ثم قال:"ولكن في إسناده العباس بن بكار، لا يحتج بحديثه، وقد تقدم هذا المتن من حديث ابن مسعود وأبي هريرة، وهما صحيحان". انتهى، وذكر أيضًا ما رواه أبو نعيم: حدثنا أبو الفرج الأصبهاني، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أبو جعفر بن طارق، عن الجيد بن نظيف، عن .......................