وتشديدهم في ذلك كثير جدًا، وقد ذكرتُ طرفًا من ذلك في أول الرد على الزنديق المصري المدعو بصالح أبي بكر فليراجع هناك، ففيه أبلغ رد على من تجرأ على رد الأحاديث الثابتة في خروج المهدي، زاعمًا أنها غير ثابتة، وأنه لا يحتفل بها؛ أي لا يبالي بها لكونها ليست في الصحيحين.
الوجه الخامس: أن يقال: قد جاءت الإشارة إلى المهدي في عدة أحاديث رواها الإمام أحمد ومسلم وغيرهما، وروى البخاري حديثًا منها، أولها حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: عبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه فقلنا: يا رسول الله صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله، فقال:«العجب إن ناسًا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم»، فقلنا: يا رسول الله، إن الطريق قد يجمع الناس، قال:«نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل، يهلكون مهلكًا واحدًا، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم»[رواه الإمام أحمد ومسلم] من حديث عبد الله بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- وهذا لفظ مسلم، ولفظ أحمد قالت: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم إذ ضحك في منامه ثم استيقظ، فقلت: يا رسول الله، مم ضحكت؟! قال:«إن أناسًا من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش قد استعاذ بالحرم، فلما بلغوا البيداء خسف بهم، مصادرهم شتى، يبعثهم الله على نياتهم»، قلت: وكيف يبعثهم الله على نياتهم ومصادرهم شتى، قال:«جمعهم الطريق منهم المستبصر وابن السبيل والمجبور، يهلكون مهلكًا واحدًا، ويصدرون مصادر شتى»، وقد رواه البخاري في "كتاب البيوع" في "باب ما ذكر في الأسواق" من حديث نافع بن جبير بن مطعم قال: حدثتني عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم»، قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟! قال:«يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم».
الحديث الثاني: روى مسلم من طريق جرير وهو ابن عبد الحميد الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله بن القبطية، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم»، فقلت: