البطلان بالضرورة، ويلزم على هذا القول الباطل رمي الصحابة بالتغفيل وقبول التلقين، وهذا لا يقوله من له أدنى عقل ودين، فهل يقول ابن محمود بهذا القبول الباطل مع ما يلزم عليه من رمي الصحابة -رضي الله عنهم- بالوصف الذميم الذي يجب تنزيههم عنه، أم ماذا يجيب به عن كلماته التي قالها من غير تعقل ولا تثبت؟
وأما قوله: وممن انتقد هذه الأحاديث وبين معايبها العلامة ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف".
فجوابه: أن يقال: إن ابن القيم -رحمه الله تعالى- لم ينتقد أحاديث المهدي كلها كما توهم ذلك ابن محمود، فضلا عن أن يقول بما جازف به ابن محمود من كونها مزورة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل الزنادقة الكذابين، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف" عدة أحاديث في المهدي، وقال بعد إيرادها:"وهذه الأحاديث أربعة أقسام؛ صحاح وحسان وغرائب وموضوعة"، ومن الأحاديث التي أوردها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المهدي مِنِّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين». قال ابن القيم:"رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث عمران بن داور القطان، عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد".
قال:"وروي أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم أبي الخليل الضبعي، عن صاحب له، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام» وذكر تمام الحديث، ثم قال: ورواه أبو داود من وجه آخر؛ عن قتادة، عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سلمة نحوه".
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، من حديث قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن صاحب له، وربما قال صالح: عن مجاهد، عن أم سلمة. والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح، قال وذكر أبو نعيم في "كتاب المهدي" من حديث حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو لم يبق من الدنيا غلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله» ولكن في إسناده العباس بن بكار لا يحتج بحديثه، وقد تقدم هذا المتن من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وهما صحيحان.
وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثنا إبراهيم بن عقيل عن أبيه، ......................................................................