وأما وهب بن منبه؛ فهو الأبناوي الصنعاني، اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه، وأخرج له أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، ووثقه العجلي وأبو زرعة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في "الميزان": "كان ثقة صادقًا"، وقال في "تذكرة الحفاظ": "كان ثقة واسع العلم"، وقال الحافظ بن حجر في "تقريب التهذيب": "ثقة من الثالثة".
وأما جابر؛ فهو ابن عبد الله بن حرام الأنصاري، صحابي مشهور.
وإذا علم أن رجال هذا الحديث كلهم ثقات، فنقول لابن محمود: من هو الزنديق الكذاب المتهم عندك بوضع هذا الحديث وتزويره على النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فهل تتهم به جابر بن عبد الله، أو وهب بن منبه، أو عقيل بن معقل، أو ابنه إبراهيم، أو ابن أخيه إسماعيل، أو الحارث بن أبي أسامة؟ فكل هؤلاء لا سبيل لأحد إلى الطعن فيهم، وكذلك رواة الأحاديث الثلاثة التي تقدم ذكرها لا سبيل لأحد إلى الطعن فيهم.
ولولا إيثار الاختصار لذكرت جميع الأحاديث الثابتة في المهدي، وذكرت كلام أهل الجرح والتعديل في توثيق رواتها، وفيما ذكرته من الأحاديث الثابتة أبلغ رد على من زعم أن أحاديث المهدي مزورة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل الزنادقة الكذابين.
فإن قال ابن محمود: إن عبد الله بن سبأ وشيعه هم الذين زوروا أحاديث المهدي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما قد جزم بذلك في صفحة (٤) وصفحة (١٦) وصفحة (١٨) من رسالته.
فالجواب: أن يقال: إن عبد الله بن سبأ كان في زمان عثمان وعلي -رضي الله عنهما- وقد قال الذهبي في "الميزان": "أحسب أن عليًا حرقه بالنار"، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" قال: "وله أتباع يقال لهم السبائية، يعتقدون إلاهية علي بن أبي طالب، وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته". انتهى. وحيث أن عبد الله بن سبأ كان معاصرًا للصحابة -رضي الله عنهم- ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه كان باقيًا بعد موت علي -رضي الله عنه-، فإن كان هو الذي زوَّر أحاديث المهدي كما قد زعم ذلك ابن محمود، فإنه يلزم على هذا أن يكون ابن سبأ قد أدخل ما زوره من الأحاديث على عليٍّ وابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وأم سلمة -رضي الله عنهم- وغيرهم من الصحابة الذين رويت عنهم الأحاديث في المهدي، وهذا معلوم ..............................................