النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يردم عليهم ليلا لئلا يُكذبوه بعد ذلك، وسمَّي أصحابه الجهمية الموحدين، واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان، وتَسمَّى بالمهدي المعصوم.
ثم خرج المهدي الملحد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان جده يهوديًا من بيت مجوسي، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت وادَّعى أنه المهدي الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وملك وتغلب واستفحل أمره، إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام.
واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم، وكانوا يدَّعون الإلهية، ويدعون أن للشريعة باطنًا يخالف ظاهرها، وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين، فتستروا بالرفض والانتساب كذبًا إلى أهل البيت، ودانوا بدين أهل الإلحاد وروجوه، ولم يزل أمرهم ظاهرًا إلى أن أنقذ الله الأمة منهم، ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم وأبادهم، وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم.
والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي، والرافضة الإثني عشرية لهم مهدي، فكل هذه الفرق تدَّعي في مهديها الظلوم الغشوم أنه الإمام المعصوم والمهدي المعلوم، الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر بخروجه.
وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان، فتعلو به كلمتهم، ويقوم به دينهم، ويُنصرون به على جميع الأمم، والنصارى تنتظر المسيح يأتي قبل يوم القيامة، فيقيم دين النصرانية، ويبطل سائر الأديان.
فالملل الثلاث تنتظر إمامًا قائمًا يقوم في آخر الزمان، ومنتظر اليهود الدجال الذي يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفًا، والنصارى تنتظر المسيح عيسى ابن مريم، ولا ريب في نزوله، ولكن إذا نزل كسر الصليب، وقتل الخنزير، وأباد الملل كلها سوى ملة الإسلام، وهذا معنى الحديث «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم»". انتهى كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى-.
والمقصود منه ما ذكره من أقوال أهل السنة في المهدي، وأن أكثر الأحاديث تدل على أنه من بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، من ولد الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وفي هذا رد لقول ابن محمود أن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل السنة القدماء.
وقال ابن محمود في صفحة (٣) وصفحة (٤): "وإن أصل من تبنى هذه الفكرة والعقيدة هم الشيعة، الذين من عقائدهم الإيمان بالإمام الغائب المنتظر، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورًا، وهو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري، فسرت هذه