يأجوج ومأجوج، القائلين فيهم بغير علم، فهؤلاء هم الذين افتتنوا بالكلام في يأجوج ومأجوج، ما هم إلا أمم الكفار على اختلاف أجناسهم وأوطانهم، ومنهم من زعم أنهم التتار الذين خرجوا على المسلمين في آخر زمان بني العباس، وهؤلاء الذين ذكرنا أقوالهم في يأجوج ومأجوج ينطبق عليهم قول الله -تعالى-: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، فأما المتمسكون بالكتاب والسنة فإنهم قد سلموا من الفتنة بيأجوج ومأجوج؛ لأنهم يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه عنهم وعن سدِّ ذي القرنين، ويؤمنون بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم وفي خروجهم على الناس، ولا يتكلفون ما ليس لهم به علم.
وأما قوله: حتى استقر في أذهان العلماء والعوام صحة ما قاله بمقتضى الدليل والبرهان.
فجوابه: أن يقال: هذا من تخرصات ابن محمود وتوهماته التي لا صحة لشيء منها، ولم تقع إلا في ذهن ابن محمود ومن كان على شاكلته.
وأما قوله: ونحن نسوق فقرات من رسالته للاتعاظ بها والانتفاع بعلمها.
فجوابه: أن يقال: ليس في رسالة ابن سعدي ما يتعظ به، ولا ما ينتفع بعلمه، ولكن الأمر في ابن محمود كما قيل:
يقضي على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
وقال ابن محمود في صفحة (٧٧، ٧٨، ٧٩)، فقرات من كلام الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي -رحمه الله-.
" اعلم أن من تأمل ما ذكره الله في كتابه عن يأجوج ومأجوج، وما ثبتت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم، وما في ذلك من صفاتهم، وعلم ما ذكره المفسرون والمؤرخون في قصة ذي القرنين، وعرف الواقع والمحسوس وما على وجه الأرض من أصناف بني آدم، فمن عرف ذلك كله تيقن يقينًا لا شك فيه أنهم هم الأمم الموجودون الآن، الذين ظهروا على الناس كالترك، والروس، ودول البلقان، والألمان، وإيطاليا، والفرنسيين، والإنجليز، واليابان، والأمريكان، ومن تبعهم من الأمم، فإنه دل الكتاب والسنة دلالة بينة صريحة أن يأجوج ومأجوج من أولاد آدم، وأنهم ليسوا بعالم آخر غيبي، كالجن ونحوهم ممن حجب الآدميون عن رؤيتهم والاحساس في الدنيا بهم، بيان ذلك في القرآن من قصة ذي القرنين في قوله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ