وقال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه "المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية" ما نصه: "السد حق ثابت، ولا ينفتح ليأجوج ومأجوج إلا قرب الساعة، فمن قال بعدم وجود سد على وجه الأرض، ومستنده في ذلك قول الكشافين من النصارى، وأنهم لم يعثروا عليه يكفر، وقد وقع للشيخ عبد الرحمن قاضي المرج مع متصرف بني غازي، فإنه قال في جمع عظيم إنه لا سد في الأرض موجود، لأخبار السائحين في الأرض من النصارى، فقام الشيخ عبد الرحمن إليه أمام الحاضرين وقال: كفرت، تصدق الكشافين وتكذيب رب العالمين، ثم تدارك المتصرف نفسه وقال: إنما قلت ذلك على طريق الحكاية عنهم، ولست معتقدًا لذلك، قال الكافي: ولا يكون قول الكشافين شبهة تنفي عنه الكفر؛ لأنه لو كان إيمانه ثابتًا لما ترك قول الله -تعالى- وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - المستحيل عليهما الكذب وتبع قول من لا دين له". انتهى.
ومن العصريين من يزعم أن يأجوج ومأجوج هم جميع دول الكفر، وقد صرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي بتكفير من قال ذلك كما سيأتي في كلامه قريبًا -إن شاء الله تعالى-، ووجه القول بتكفير من قال به أنه يلزم عليه تكذيب ما أخبر الله به في كتابه عن السد، وأنه قد حال بين يأجوج ومأجوج وبين الخروج على الناس، وأن يأجوج ومأجوج ما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا، وأنه إذا جاء وعد الرب -تبارك وتعالى- أي في آخر الزمان إذا دنا قيام الساعة - جعله دكاء فخرجوا على الناس، وذلك بعد ما ينزل عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- إلى الأرض ويقتل الدجال، وقد جاء ذلك صريحًا في عدة أحاديث صحيحة؛ منها حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- وقتله الدجال، قال:«فبينما هو كذلك إذ أوحي الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة» الحديث رواه الإمام أحمد .....