ينطبق على ما جاء في القرآن من وصف السد وبلاد اليمن هي فيما يظهر بلاد ذي القرنين؛ لأن هذا اللقب من ألقاب ملوك العرب الحميريين في حضرموت واليمن المعروفين بالأدواء (كذي يزن وذي الكلاع وذي نواس)، ولكن إن صح وجود السد فأين يأجوج ومأجوج منه، وهم التتر كما في تاريخ السوريين قبل الإسلام أو السكيثيين الذين وصفهم النبي حزقيال بما ينطبق على وصفهم في تاريخ اليونان ويعدهم النصارى رمزًا "لأعداء" الكنيسة، ثم إن لم يكن السد المذكور في القرآن هذا ولا ذاك ولم يكن فيما بقي مجهولا من الأرض فلم لا يجوز أن يكون قد اندك وذهب أثره من الوجود. إن قيل يمنع من ذلك أن اندكاكه وخروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة، أجبنا بجوابين؛ أحدهما: أن قرب الساعة يمتد ألوفًا من السنين بدليل أن نبينا نبي الساعة وقرب الساعة "نسبي" أي هو قرب بالنسبة إلى ما مضى من عمر الأرض، وما يدرينا أنه ملايين السنين, وثانيهما: أن هناك ساعة عامة وساعة خاصة، أي ساعة هلاك أمة معينة كما ورد في شرح بعض الأحاديث الواردة في الساعة". انتهى.
والجواب: أن أقول: قد وقع في نقل ابن محمود تحريف في ست كلمات وهو تحريف يحيل المعنى، وقد أصلحته على الأصل المنقول منه في فتاوى رشيد رضا، وجعلت كل كلمة بين قوسين صغيرين مزدوجين.
وأما قول رشيد رضا: إن دعوى معرفة جميع بقاع الأرض باطلة فهو حق؛ لأنه لا يحيط علمًا بجميع ما على وجه الأرض من البقاع والمخلوقات إلا الله -تعالى-.
وأما قوله: إنه يوجد في الأرض موضعان معروفان يحتمل أن السد كان فيهما ... إلى آخر كلامه على الموضعين.
فجوابه: أن يقال: هذا الاحتمال بعيد من الصواب؛ أما الموضع الذي يسمى (دربند) فقد ذكر أن فيه أثر سد قديم بين جبلين، وأنه يحتمل أن يكون موضع السد، وهذا الاحتمال مردود بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة؛ فأما الدليل من الكتاب فهو قول الله -تعالى- مخبرًا عن ذي القرنين أنه لما بني السد {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}، قال ابن كثير في "البداية والنهاية" في الكلام على هذه الآية: "{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} أي الوقت الذي قدر خروجهم على الناس في آخر الزمان، {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} أي مساويًا للأرض ولا بد من ......................................................