للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دنياهم لبيَّن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يهمله؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع.

الوجه الثاني: أن يقال: قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يعلم به زمان المهدي ومكانه؛ فأما زمانه فقد جاء في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي رواه الحارث بن أبي أسامة وتقدم ذكره في أول الكتاب (١)؛أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- يصلي خلف المهدي أول ما ينزل، فدل هذا على أن زمان المهدي يكون قبل نزول عيسى وبعد نزوله، ولا يعلم وقت نزول عيسى على التعيين إلا الله -تعالى-، وأما مكانه فقد جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي تقدم ذكره في أول الكتاب (٢)؛ أنه يبايع له بين الركن والمقام، وجاء في حديث جابر -رضي الله عنه- أن عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- يصلي خلف المهدي أول ما ينزل، فدل على أنه يكون حينئذ في الشام، والله أعلم.

وأما قوله: ثم يترك أمته يتقاتلون على حساب تحقيقه والتصديق به، ثم يتقدم أحدهم فيحل نفسه محل هذا المهدي المجهول، ويترتب عليه فتنة في الأرض وفساد كبير.

فجوابه: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، ولم يأمر بالقتال على حساب تحقيقه والتصديق به، ولم يأت عنه أن المهدي يقاتل الناس على التصديق به، بل ظاهر الأحاديث أن ولايته تتم بدون قتال، وجاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن الناس يخرجونه وهو كاره فيبايعونه، ثم بعد ذلك يجيء الجيش الذي يريد قتاله فيخسف بهم بالبيداء، وهذا بخلاف من يزعم لنفسه أنه المهدي ويدعو الناس إلى مبايعته ويقاتل الناس على ذلك، فحال هؤلاء الكذابين وأفعالهم تخالف حال المهدي وأفعاله.

وأما قوله: وكل الأحاديث التي يوردونها لتحقيق خروجه متناقضة متعارضة، ومختلفة غير مؤتلفة ...... إلى آخر كلامه الذي تقدم ذكره قريبًا.

فجوابه: أن يقال: قد تقدمت هذه الجمل فيما نقلته من صفحة (٤) وصفحة (٦) وصفحة (٧) من كتاب ابن محمود، وتقدم الجواب عنها مفرقًا عند ذكر هذه الجمل، فليراجع ذلك في مواضعه (٣).


(١) ص (١٧).
(٢) ص (١٦ - ١٧).
(٣) ص (٤١ - ٤٥).

<<  <   >  >>