وما فيها أيضًا من السخرية والاستهزاء بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي، أنه يملك سبع سنين فيملأ الأرض قسطًا وعدلا، وما فيها أيضًا من التهجم على العلماء عامة، وعلى الشافعي وأحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية خاصة، وزعمه أن الناس مقلدة، وأن المحدثين والفقهاء ينقل بعضهم عن بعض الحديث والقول على علاته تقليدًا لمن سبقه، وما فيها أيضًا من التقوُّل على ابن ماجة، والدارقطني، والعقيلي، والمنذري، وابن القيم، والذهبي، والشاطبي، وابن خلدون، وعلى القاري، والسيوطي، وقد تقدم ذكر ذلك والتعقب عليه، إلى غير ذلك مما في رسالته من الفضول والكلام المستهجن، الذي هو مضرة عليه في دينه ومضرة على كل من اغتر برسالته.
ونقل ابن محمود في صفحة (٦٢) وصفحة (٦٣) عن رشيد رضا أنه قال في تفسيره "المنار" عند تفسير سورة الأعراف: "أما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر، والجمع بين الروايات أعسر، والمنكرون لها أكثر، والشبهة فيها أظهر، ولذلك لم يعتد الشيخان- البخاري ومسلم- بشيء من روايتها ... إلى أن قال: وقد جاءهم النذير، وهو ابن خلدون الشهير، وصاح فيهم قائلا: إن لله سننا في الأمم والدول، والعمران مطرد في كل زمان ومكان، كما ثبت في مصحف القرآن وصحف الأكوان، ومن المعلوم وقوع الاختلاف والاضطراب في أحاديث المهدي"، ونقل ابن محمود أيضًا في صفحة (٦٤) وصفحة (٦٥) من جواب لرشيد رضا أنه قال: "وردت أحاديث في المهدي، منها ما حكموا بقوه إسناده، ولكن ابن خلدون عني بإعلالها وتضعيفها كلها، ومن استقصى ما ورد في المهدي المنتظر من الأخبار والآثار وعرف مواردها ومصادرها يرى أنها كلها منقولة عن الشيعة ... إلى أن قال: أما سائر المسلمين فالأمر عندهم أهون، فإن منكر المهدي عندهم لا يعد منكرًا لأصل من الدين ... إلى أن قال: وجملة القول أننا لا نعتقد بهذا المنتظر، ونقول بضرر الاعتقاد به".
هذا حاصل كلام رشيد رضا الذي اعتمد عليه ابن محمود في رسالته، وخالف لأجله الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي.
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إنه لا يستكثر من رشيد رضا أن يشن الحملة على أحاديث المهدي، فقد شن الحملة على ما هو ثابت في الصحيحين وغيرهما من أحاديث الفتن وأشراط الساعة وخوارق الأنبياء ......................................