وأما قوله: وهو رجل من بني آدم، ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جيد من ربه مما يوجب الإيمان به.
فجوابه: أن يقال: قد كرر ابن محمود هذا القول المستهجن في سبعة مواضع من رسالته، وقد تقدم الجواب عنه مع الكلام على ما ذكره ابن محمود في صفحة (٦)، فليراجع هناك (١).
فصل
وقال ابن محمود في صفحة (٢٦): "محاربة علماء الأمصار لاعتقاد ظهور المهدي، ثم زعم أنهم متى طرقوا بحثًا من البحوث العلمية فإنهم يشبعون البحث تحقيقًا وتدقيقًا وتمحيصًا وتصحيحًا، حتى يجعلوه جليًا للعيان وصحيحًا بالدلائل والبرهان، قال: وقد قرروا قائلين أن أساس دعوى المهدي مبني على أحاديث محقق ضعفها وكونها لا صحة لها، ولم يأت حديث منها في البخاري ومسلم مع رواج فكرتها في زمنهما، وما ذاك إلا لعدم صحة أحاديثه عندهما، مع العلم أنها على فرض صحتها لا تعلق لها بعقيدة الدين، وما هي إلا حكايات عن أحداث تكون في آخر الزمان أو في أوله، يقوم بها فلان أو فلان بدون ذكر المهدي، فليست من العقائد الدينية كما زعم دعاتها والمتعصبون لصحتها، وقد ثبت بطريق الواقع المحسوس أن فكرة المهدي أصبحت فتنة لكل مفتون، تنتقل من جيل إلى جيل ومن زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان، وتراق من أجلها الدماء الزكية البريئة في الشهر الحرام والبلد الحرام والمسجد الحرام، والحاصل أنه يجب طرح فكرة المهدي وعدم اعتقاد صحته، وعندنا كتاب الله نستغني به عنه وعن كل بدعة واتباع كل مبتدع مفتون، كما لدينا سنة رسول الله الصحيحة الصريحة، سواء كانت متواترة أو من رواية الآحاد غير المتعارضة ولا المختلفة".
والجواب عن عنوان ابن محمود من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: أما علماء الأمصار من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة العلم والهدي من بعدهم فلم يثبت عن أحد منهم أنه أنكر خروج المهدي في آخر الزمان فضلا عن محاربة اعتقاد ظهوره، وهؤلاء هم العلماء على الحقيقة، وأما أهل الشذوذ والمخالفة من العصريين الذين كانوا في أثناء القرن الرابع عشر من الهجرة وفي آخره فقد بذلوا جهدهم في محاربة اعتقاد ظهور المهدي في آخر الزمان وفي معارضة الأحاديث الثابتة فيه، وقد قلدهم ابن محمود وتمسك بأقوالهم الباطلة في إنكار خروج المهدي في آخر الزمان ........................................................