للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا ... أبشر بطول سلامة يا مربع

وقال ابن محمود في صفحة (٣٢): "سابعًا: إن من صفة المهدي الذي يدعون خروجه أن مقامه في الدنيا سبع سنين أو تسع سنين في الحديث الآخر، وهل هو يؤيد بالخوارق والمعجزات، أو بالأحلام والمنامات؟ وهل تنزل معه الملائكة، أو الجن تسخر له كما سخرت لداود؟ وهل هو أكرم على الله من محمد رسول الله الذي مكث ثلاثًا وعشرين سنة كلها يجاهد ويجادل ويصبر على اللأواء والشدة، ويتبع السنن الكونية من الطرق الموصلة إلى نجاحه، والقرآن يؤيده والملائكة يمده الله بهم، وقد شج رأسه - صلى الله عليه وسلم -، وكسرت رباعيته، ودلُّوه في حفرة ظنوه ميتًا وذلك في وقعة أحد، ومع هذا كله لم يتمكن من بسط العدل إلا في جزيرة العرب، وهي نقطة صغير بالنسبة إلى سعة الدنيا. أفيكون المهدي المنتظر أعز على الله من محمد رسول الله؟

والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: لقد أكثر ابن محمود من الاستهزاء والسخرية من الأحاديث الواردة في المهدي، أما فيه دين يحجزه عن الاستخفاف بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخباره الصادقة؟! ولقد أحسن الشاعر حيث يقول:

يقضي على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن

وقد قال الله -تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}. ومن تعزير الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوقيره قبول أحاديثه وأخباره عن المغيبات الماضية والآتية، ومقابلتها بالرضى والاحترام، وأن لا يجد المرء في نفسه شكا ولا حرجًا منها، ومن المغيبات التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ستكون في آخر الزمان خروج رجل من أهل بيته يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، وقد ثبت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث من الصحاح والحسان، وجاء في بعضها تسميته بالمهدي، فمن دفع الأحاديث الثابتة فيه ولم يقبلها فإنما يرد على الله -تعالى- وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا كان ابن محمود قد قابل الأحاديث الثابتة في المهدي بالسخرية والاستهزاء - مع أنه لم يأت في شيء من الأحاديث الثابتة في المهدي أنه يؤيد بالمعجزات وخوارق العادات، سوى الخسف بالجيش الذي يبعث إليه من الشام - فماذا يكون موقف ابن محمود من الأحاديث التي جاء فيها خرق العادة للمؤمنين الذين يقاتلون اليهود في آخر الزمان، وكذلك خرق العادة للمؤمنين الذين يغزون القسطنطينية في آخر الزمان؟ فقد جاء في عدة أحاديث صحيحة أن الحجر والشجر يقول: يا مسلم، هذا .......................................

<<  <   >  >>