للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء إن أحاديث المهدي متواترة، فليرجع إلى ما ذكرته (١) ففيه أبلغ رد على ابن خلدون ومن نحا نحوه واغتر بقوله.

وأما قوله: إن ابن خلدون عالم جليل ولا يقول أحد فيه إلا الخير.

فجوابه: أن يقال: أما كونه عالمًا جليلا فذلك لا يمنع من الاعتراض عليه فيما أخطأ فيه وبيان أخطائه لئلا يغتر بها الناس، والذين اعترضوا على ابن خلدون لم يتكلموا في شخصه بما يجرحه ويقدح في عدالته، وإنما اعترضوا على قوله الباطل في رده لبعض الأحاديث الثابتة في المهدي والحكم بضعفها، وذلك لا ينافي قول الخير فيه.

وأما قوله: وكونه مؤرخًا لا يمنع من كونه محققًا لعشرة أحاديث أو أكثر؛ لكون التحقيق سهل على مثله عند توفر الآلات والكتب المؤلفة عن صفات الرواة.

فجوابه: أن يقال: قد لحن ابن محمود في قوله "سهل"، وصوابه سهلا بالنصب على أنه خبر كون.

ويقال أيضًا: إن تحقيق ابن خلدون لبعض أحاديث المهدي من جنس تحقيقات ابن محمود، فقد حقق ابن محمود في عنوان كتابه وفي عدة مواضع منه أنه لا مهدي بعد رسول الله، وحقق في صفحة (١٢) أنه لا مهدي بعد رسول الله وبعد كتاب الله، فوصف كلام الله بصفة المخلوقين من الخلفاء الراشدين المهديين والأئمة الصالحين، وحقق في صفحة (١٣) وصفحة (١٤) أن صاحب موسى الذي سأل السبيل إليه هو ذو القرنين، وحقق في صفحة (١٤) أن موسى لما أراد أن يفارق ذا القرنين قال له ذو القرنين: يا موسى أنت على علم من الله لا أعلمه أنا، وأنا على علم من الله لا تعلمه أنت، وحقق في صفحة (١٤) أنه لا مهدي بعد رسول الله كما لا نبي بعده، فقاس وجود المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجود الأنبياء بعده، ونفى كلا منهما، وهذا من أفسد القياس؛ لأن الأنبياء قد ختموا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فلا نبي بعده، بخلاف المهديين فقد جاء النص على أنه يكون في هذه الأمة خلفاء مهديون، وقد ذكر الحديث الوارد في ذلك في أول الكتاب ............................................


(١) ص ٤١ - ٤٥.

<<  <   >  >>