للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الموانع كلها قد مضى عليها أزمان متطاولة، وهي سد محكم بينهم وبين الناس لا يجاوزها منهم أحد، بل هم منحازون في أماكنهم، وقد زال ذلك كله وشاهدهم الناس، وقد اختلقوا هذه البحار، ثم توصلوا إلى خرق الجو بالطائرات وبما هو أعظم منها، فلا يمكن لأحد إنكار هذا ولا المكابرة فيه، وهذه الأدلة التي ذكرناها من نص الكتاب والسنة والأدلة العقلية والواقع والمشاهدة كلها أمور يقينية لا شك فيها ولا مناقض لها، والمقصود أن ظهورهم على الوصف الذي شرحناه قد تبين موافقته للكتاب والسنة الصحيحة، والعلم الصحيح العقلي الحسي يعتبر آية وبرهانًا عظيمًا على صدق القرآن وصحة ما جاء سول الله - صلى الله عليه وسلم - من آيات بينات لا تزال تشاهد وتظهر كل وقت، وحين يعتبر بها المعتبرون وينتفع بها المؤمنون ويسترشد بها الغافلون المعرضون وتقوم بها الحجة على المعارضين المعاندين، وأما من اعتمد في قصة يأجوج ومأجوج على قصص إسرائيلية وآثار موضوعة وقصص خرافية وعوائد جرت مخالفة للعلم، فقد حرم الوصول إلى الهداية والاستنارة بنور العقل المؤيد بالشرع". انتهى.

والجواب: أن يقال: إن ابن محمود قد غيَّر في بعض كلام ابن سعدي وزاد فيه بعض الشيء من عنده ولم يبين ذلك، وهذا عمل غير مرضي لأنه ينافي الأمانة في النقل، وسأنبه على ذلك -إن شاء الله تعالى-.

ويقال أيضًا كل ما نقله ابن محمود ههنا من رسالة ابن سعدي في يأجوج ومأجوج فهو باطل، سوى ما ذكره من الآيات من سورة الكهف، والحديث الذي أوله: «ويل للعرب من شر قد اقترب»، فالآيات والحديث حق، ولكن لا متعلق لابن سعدي في شيء منها، وما سوى الآيات والحديث فكله توهمات وتخرصات لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عقل صحيح ولا واقع ولا مشاهدة، وفي تفسير ابن سعدي لسورة الكهف وسورة الأنبياء كفاية في الرد على ما جاء في رسالته فيما يتعلق بيأجوج ومأجوج، وقد ذكرت قريبًا أنه قد طبع تفسيره بعد إخراجه للرسالة بنحو من سبع عشرة سنة.

فأما قوله: اعلم أن من تأمل ما ذكره الله في كتابه عن يأجوج ومأجوج، وما ثبتت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما في ذلك من صفاتهم، وعلم ما ذكره المفسرون والمؤرخون في قصة ذي القرنين، وعرف الواقع والمحسوس وما على وجه الأرض من ..................

<<  <   >  >>