أصناف بني آدم، فمن عرف ذلك كله تيقن يقينًا لا شك فيه أنهم هم الأمم لموجودون الآن، الذين ظهروا على الناس كالترك، والروس، ودول البلقان، والألمان، وإيطاليا، والفرنسيين، والإنجليز، واليابان، والأمريكان، ومن تبعهم من الأمم.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن القرآن والسنة حجة على ابن سعدي فيما ذهب إليه في شأن يأجوج ومأجوج، وليس فيهما حجة له ولا ما يتعلق به بوجه من الوجوه، ومن تأمل ما ذكره الله في كتابه عن يأجوج ومأجوج، وما ثبتت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم، عرف يقينًا لا شك فيه أنه يخالف ما ذهب إليه ابن سعدي في رسالته، وذلك أن الله -تعالى- أخبر عن ذي القرنين أنه جعل بين يأجوج ومأجوج وبين غيرهم من الناس ردمًا، وأخبر -تبارك وتعالى- أن يأجوج ومأجوج ما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا، وأخبر عن ذي القرنين أنه لما أتمَّ بناء السد {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}؛ أي إذا دنا قيام الساعة، جعل الله السد دكاء فخرج يأجوج ومأجوج على الناس، قال الله -تعالى-: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}، قال ابن كثير في "البداية والنهاية": "يعني يوم فتح السد على الصحيح"، وذكر في تفسيره عن السدي أنه قال:"ذاك حين يخرجون على الناس"، قال ابن كثير:"وهذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال". انتهى.
وقال -تعالى-: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}، أوضح دليل على أن خروج يأجوج ومأجوج إنما يكون عند اقتراب الساعة، وقد بين ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث صحيحة، منها حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر خروج الدجال ونزول عيسى وقتل الدجال، ثم قال:«فبينما هم كذلك إذ أوحي الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتلاهم فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة» الحديث رواه الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي:"حديث غريب حسن صحيح".