السُنة من العصريين، وهم الذين يعتمدون على النظريات والأفكار الخاطئة، ولا يبالون برد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت مخالفة لنظرياتهم وأفكارهم.
وأما قوله: وجعلهم يتبعون الملاحدة والمفسدين من دعاة المهدية.
فجوابه: أن يقال: لا عبرة بالجهال الذين يتبعون الملاحدة والمفسدين في الأرض فإنهم اتباع كل ناعق، وقد اتبع فئام من الناس كثيرًا من الدجالين المتنبئين، وكما أن ذلك لا يقدح في نبوة الأنبياء، فكذلك اتِّباع الجهال للملاحدة والمفسدين الذين ادعوا المهدية كذبًا وزورًا، فإنه لا يقدح في الأحاديث الثابتة في المهدي الذي يخرج في آخر الزمان.
وقال ابن محمود في صفحة (٥٦) وصفحة (٥٧): "وإنه على فرض صحة هذه الأحاديث أو بعضها أو تواترها بالمعنى حسب ما يدعون، فإنها لا تعلق لها بالعقيدة الدينية، ولم يدخلها علماء السنة في عقائدهم؛ كشيخ الإسلام بن تيمية في رسائله الواسطية، والأصفهانية، والسبعينية، والتسعينية، ولم تُذكر في عقيدة الطحاوية وشرحها، ولا عقيدة ابن قدامة، ولا في الإبانة في أصول الديانة للأشعري، فعدم إدخالها في عقائدهم مما يدل على أنهم لم يعتبروها من عقائد الإسلام والمسلمين، ثم إن غالب الأحاديث التي زعموها صحيحة ومتواترة بالمعنى ما هي إلا حكاية عن أحداث تقع مع أشخاص؛ كرجل هرب من المدينة إلى مكة فيبايع له بين الركن والمقام، ورجل يخرج من وراء النهر فيبايع له، ورجل يخرج بعد موت خليفة، ورجل يخرج اسمه الحارث، ورجل يصلحه الله في ليلة، فهذه كلها ليست من العقائد الدينية كما زعم دعاة المهدي والمتعصبين لصحة خروجه، لهذا يجب طرح فكرة المهدي جانبًا ... إلى أن قال: وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين، ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة التي تُثَار من آنٍ لآخر".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب مما مضى وما سيأتي، فإنه يجب الإيمان به، وهو مما يتعلق بالعقائد الدينية، سواء ذكره العلماء في عقائدهم أو لم يذكروه، قال الله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقال -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. ومن ذلك ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سيكون بعده إلى قيام الساعة، وما بعد قيامها إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وما يكون بعد ذلك مما ......................