متصفين بما قلته في شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن شيخ الإسلام متبع لهم وليس بمبتدع، وكذلك الذين رووا أحاديث المهدي من التابعين ومن بعدهم، ومن خرجها ومن صححها ومن قال إنها متواترة، فكل هؤلاء يلزم على قول ابن محمود أن يكونوا متصفين بما قاله في شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن شيخ الإسلام لم يأت بأحاديث المهدي من عنده ولم ينفرد بتصحيحها، فما قيل فيه من حسن أو ضده فهو متناول باللزوم لمن قال مثل قوله.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الاعتقاد السيئ في الحقيقة هو اعتقاد بعض العصريين، الذين ينكرون خروج المهدي في آخر الزمان ولا يبالون برد الأحاديث الثابتة فيه ونبذها وراء الظهر، فهؤلاء هم المخطئون وهم المقصرون في الحقيقة، وهم الذين أضلوا الجهال بزلاتهم وأقوالهم الباطلة، وقد قال الله -تعالى-: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}، وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأهل السنن من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقد تأثر ابن محمود بهؤلاء العصريين الذين أشرنا إليهم بعد أن زال عنه التأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وأمثاله من أئمة العلم والهدى، ولا شك أن هذا من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.
الوجه الخامس: أن يقال: يفهم من فحوى كلام ابن محمود أنه يرى أنه قد نال بعد توسعه في العلوم والفنون أشياء من العلم فاتت على شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا من الأماني التي يتعلل بها بعض الناس، ولا حقيقة لها في الواقع، وقد قال الشاعر:
تلك الأماني يتركن الفتى ملكا ... دون السماء ولم ترفع به رأسا
الوجه السادس: أن يقال: ما زعمه ابن محمود من توسعه في العلوم والفنون بعد أن بلغ سن الأربعين من العمر قد كان ضررًا عليه وسببًا في دخول الخلل عليه في علمه وعقيدته، وذلك أنه قبل التوسع المزعوم لم يتعرض للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعارضة، ولم يظهر منه ما يدل على الاستخفاف بها وقلة المبالاة بها، فأما بعد التوسع المزعوم فقد صار ذا جراءة على التعرض لبعض الأحاديث الثابتة ونبذها وإطراحها؛ كما فعل ذلك في أحاديث المهدي، وكما يذكر عنه في أحاديث الدجال .................................................