للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض هذا الكلام في أول الكتاب (١)، وذكرت قبل ذلك أن خروج المهدي في آخر الزمان من أمور الغيب التي أخبر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس هو مجرد فكرة كما زعم ذلك ابن محمود تقليدًا لأحمد أمين، فليراجع ذلك (٢).

وأما قوله: إنها نبعت من عقائد الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها.

فجوابه: أن يقال: هذا خلاف الواقع؛ لأن الإخبار بخروج المهدي ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية عدد كثير من الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك في أول الكتاب فلتراجع (٣)، ففيها أبلغ رد على من زعم أن القول بخروج المهدي كان فكرة، وأنها نبعت من عقائد الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها.

وأما قوله: واستغلت الشيعة أفكار الجمهور الساذجة وتحمسهم للدين والدعوة الإسلامية، فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة، ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وأحكموا أسانيدها، وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدَّقها الجمهور الطيب لبساطته.

فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في هذا القول السيئ من الطعن فيمن روى أحاديث المهدي ومن صحح بعضها وحسن بعضها، ورميهم بالسذاجة التي معناها الغباوة والتغفيل، وكذلك رميهم بالبساطة ومعناها أيضًا الغباوة والتغفيل، بحيث تروج عليهم أكاذيب الشيعة وما يلفقونه من الأحاديث الموضوعة، وهذا الطعن يتناول من روي أحاديث المهدي من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وأئمة العلم والهدى من بعدهم.

وإذا علم هذا، فهل يقول عاقل إن عليًا، وابن مسعود، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وجابرًا، وأم سلمة -رضي الله عنهم- كانوا أغبياء مغفلين، من أجل روايتهم لأحاديث المهدي؟ أم يقول ذلك فيمن روى ذلك من التابعين وأتباعهم، ومن كان بعدهم من الأئمة الحفاظ؟ أم يقول ذلك في الإمام أحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، والحارث بن أبي أسامة، وأبي يعلى الموصلي، والطبراني، وابن حبان، والحاكم من أجل أنهم خرَّجوا أحاديث المهدي في كتبهم؟ أم يقول ذلك في العقيلي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، وزين الدين العراقي، ......................................................................


(١) ص ٣٢ - ٣٣.
(٢) ص ٢٦.
(٣) ص ٩ - ١٧.

<<  <   >  >>