والجواب: أن يقال: لقد كابر ابن محمود وبالغ في المكابرة، حيث زعم أن عقيدة المهدي من العقائد الخيالية الدخيلة وليست من عقائد الإسلام والمسلمين، وقد ذكرت عنه في أول الكتاب أنه قال في صفحة (٣): إن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل السنة، وذكرت الجواب عن ذلك في أول الكتاب فليراجع (١)، ففيه رد لكلامه هنا وهناك، وقد قال الله -تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، قال ابن كثير على قوله -تعالى- {وَتُعَزِّرُوهُ}: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وغير واحد: تعظموه، {وَتُوَقِّرُوهُ} من التوقير؛ وهو الاحترام والإجلال والإعظام". انتهى.
ومن رد أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، وزعم أن ما دلت عليه من عقائد أهل السنة أنها عقائد خيالية دخيلة وليست من عقائد الإسلام والمسلمين، فلا شك أنه قد استهان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يعزره ولم يوقره، وحكم من استهان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يخفى على طالب العلم.
وقال ابن محمود في صفحة (١٩) وصفحة (٢٠): "لهذا تنبه العلماء من المتقدمين والمتأخرين لرد الأحاديث التي يتلونها ويموهون بها على الناس، فأخضعوها للتصحيح والتمحيص، وبينوا ما فيها من الجرح والتضعيف، وكونها مزورة على الرسول من قبل الزنادقة الكذابين، وممن انتقد هذه الأحاديث وبين معايبها العلامة ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "المنار المنيف" في الصحيح والضعيف، ومنهم الشاطبي صاحب "الاعتصام"؛ فقد ألحق المهدية والإمامية بأهل البدع، ويعني بالمهدية الذين يعتقدون صحة خروج المهدي، وكذلك ابن خلدون؛ فقد فحص أحاديث المهدي وبيَّن بطلان ما يزعمونه صحيحًا منها، فسامها كلها بالضعف وعدم الصحة، وإن من رواتها من يتهم بالتشيع، ومنهم الحروري، ومنهم من يعتقد رفع السيف على أهل القبلة، ومنهم من يتهم بالكذب، ومنهم من يتهم بسوء الحفظ، ومنهم من يتهم برفع الحديث إلى رسول الله بدون أن يتكلم به الرسول، مع ما فيها من التعارض والاضطراب والاختلاف".
وأقول: أما قوله: لهذا تنبه العلماء من المتقدمين والمتأخرين لرد الأحاديث التي يتلونها ويموهون بها على الناس.
فجوابه: أن يقال: إن رواية الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي وتلاوتها .........