قال وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يخرج رجل من أهل بيتي يعمل بسنتي، وينزل الله له البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلمًا، ويعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس».
وروى أيضًا من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الدجال، وقال:«فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعي ذلك اليوم يوم الخلاص» فقالت أم شريك: فأين العرب يا رسول الله يومئذ، فقال:«هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم المهدي رجل صالح».
وروي أيضًا من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى ابن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها»، وهذه الأحاديث وإن كان في إسنادها بعض الضعف والغرابة، فهي مما يقوي بعضها بعضًا ويشد بعضها ببعض.
فهذه أقوال أهل السنة، وأما الرافضة الإمامية فلهم قول رابع، وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن، الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيرًا من أكثر من خمسمائة سنة فلم تره بعد ذلك عين، ولم يحس فيه بخبر ولا أثر، وهم ينتظرونه كل يوم، يقفون بالخيل على باب السرداب ويصيحون به أن يخرج إليهم، اخرج يا مولانا، اخرج يا مولانا، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان. فهذا دأبهم ودأبه، ولقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي ... كلمتموه بجهلكم ما آنا
ولقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل.
أما مهدي المغاربة محمد بن تومرت فإنه رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل، ملك بالظلم والتغلب والتحيل؛ فقتل النفوس، وأباح حريم المسلمين، وسبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وكان شرًا على الملة من الحجاج بن يوسف بكثير، وكان يودِع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء، يأمرهم أن يقولوا للناس إنه المهدي الذي بشر به