أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مِنَّا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه». قال:"وهذا إسناد لا تقوم به حجة، لكن في صحيح ابن حبان من حديث عطية بن عامر نحوه"، وذكر أيضًا ما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثنا إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة». قال وهذا إسناد جيد. وجملة الأحاديث التي أوردها ابن القيم في ذكر المهدي تسعة عشر حديثًا، ذكر منها أربعة عشر حديثًا متوالية، صحح منها ثلاثة، وقال في اثنين إسنادهما جيد، وسكت عن حديثين، وضعَّف سبعة، وقال بعد إيراده لحديثي ابن مسعود وأبي هريرة -رضي الله عنهما-: "اللذين قال الترمذي في كل منهما أنه حسن صحيح" ووافقه ابن القيم على تصحيحهما، وفي الباب عن حذيفة بن اليمان، وأبي أمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وثوبان، وأنس بن مالك، وجابر، وابن عباس وغيرهم. ثم قال بعد إيراده للأحاديث الأربعة عشر ما نصه: "وهذه الأحاديث أربعة أقسام؛ صحاح وحسان وغرائب وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال؛ أحدها: أنه المسيح ابن مريم وهو المهدي على الحقيقة، واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي، وقد بيَّنا حاله، وأنه لا يصح، ولو صح لم يكن فيه حجة؛ لأن عيسى أعظم مهدي بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الساعة، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب الله، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهديًا، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما وقى وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال: إنما المهدي عيسى ابن مريم؛ يعني المهدي الكامل المعصوم.
القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه، ثم ذكر حديثين احتج بهما أصحاب هذا القول، وهما عن ثوبان وابن مسعود -رضي الله عنهما-، ثم قال بعد إيراده لحديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: وهذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني .................................................