العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، وعمر بن عبد العزيز كان مهديًا، بل هو أولى باسم المهدي منه، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي». وقد ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه وغيره إلى أن عمر بن عبد العزيز منهم، ولا ريب أنه كان راشدًا مهديًا، ولكن ليس بالمهدي الذي يخرج في آخر الزمان، فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال، وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين، فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون.
القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلا، وأكثر الأحاديث على هذا تدل، وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف؛ وهو أن الحسن -رضي الله عنه- ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده؛ أن من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه، وهذا بخلاف الحسين -رضي الله عنه- فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها.
وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يخرج رجل من أهل بيتي، يعمل بسنتي، وينزل الله له البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلمًا، ويعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس».
وروى أيضًا من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الدجال وقال:«فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعي ذلك اليوم يوم الخلاص»، فقالت أم شريك: فأين العرب يا رسول الله يومئذ؟ فقال:«هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم المهدي رجل صالح».
وروى أيضًا من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى ابن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها».