هو ذو القرنين، فهو مما حصل لابن محمود بعد توسعه في العلوم والفنون، وكذلك قوله فيما سبق؛ أنه لا مهدي بعد رسول الله وبعد كتاب الله، فهو مما حصل له بعد توسعه في العلوم والفنون، وهذه الأوهام ينزه عنها شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم والفهم، وكيف خفي على الذي زعم أنه قد توسع في العلوم والفنون أن الذي لقيه موسى هو الخضر وليس ذا القرنين، مع أن ذلك لا يخفى على صغار طلبة العلم، وقد تقدم الجواب عن قوله؛ أنه لا مهدي بعد رسول الله وبعد كتاب الله.
وأما قوله: وفي البخاري؛ أن موسى لما لقي ذا القرنين ..... إلى آخر كلامه الذي كرر فيه اسم ذي القرنين ثلاث مرات.
فجوابه: أن يقال: هذا غلط فاحش؛ فإن الذي لقيه موسى -عليه الصلاة والسلام- هو الخضر وليس ذا القرنين، وقد جاء ذلك صريحًا فيما رواه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- وقد كرر فيه اسم الخضر في بعض الروايات ثمان مرات.
وفي رواية لأحمد، والبخاري، ومسلم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل جاءه رجل، فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: لا. فأوحى الله إلى موسى؛ بلى عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه» الحديث، وقد ترجم البخاري على هذا الحديث بقوله:"باب حديث الخضر مع موسى -عليهما السلام-".
وروى الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرًا». قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب"، وفي رواية لأبي داود قال:«أبصر الخضر غلامًا يلعب مع الصبيان، فتناول رأسه فقلعه، فقال موسى: أقتلت نفسًا زكية» الآية.
فأما ذو القرنين؛ فقد روى الأزرقي في "أخبار مكة" عن عطاء بن السائب: "أن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- رأى رجلا يطوف بالبيت فأنكره، فسأله: ممن أنت؟ فقال: من أصحاب ذي القرنين، قال: وأين هو؟ قال: هو ذا بالأبطح، فتلقاه إبراهيم فاعتنقه، فقيل لذي القرنين: لم لا تركب؟ قال: ما كنت لأركب وهذا يمشي. فحج ماشيًا" هذا .........