للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواها أبو داود والترمذي وابن ماجة، ثم قال هذا ما ورد من الأحاديث في المهدي المنتظر، وقد فاته أحاديث كثيرة من الصحاح والحسان فلم يذكرها، وما فاته من الأحاديث الضعيفة التي لا يحكم عليها بالوضع أكثر وأكثر، ومن لم يعرف من الأحاديث الواردة في المهدي إلا ما ذكره الشعراني في مختصر التذكرة فهو مزجى البضاعة، ولا ينبغي أن يلتفت إلى قدحه في أحاديث المهدي على العموم وهو لا يعرف أكثرها؛ لأن قدحه فيها من القول بغير علم.

وأيضًا فإن محمد فريد وجدي مؤرخ وثقافي، وليس من علماء الحديث وأهل الجرح والتعديل، فلا يلتفت إلى كلامه فيما ليس من اختصاصه.

وأما قوله: والناظرون فيها من أولي البصائر لا يجدون في صدورهم حرجًا من تنزيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قولها.

فجوابه: أن يقال: أما الأحاديث الموضوعة في المهدي وغيره فإنه يجب التحذير منها وتنزيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، وأما الأحاديث الضعيفة فإنها تذكر للاستشهاد لا للاعتماد، وأما الصحاح والحسان فإنه يجب قبولها والتسليم لمن جاءت عنه، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}، وقد ذكرت في أول الكتاب تسعة أحاديث من الصحاح والحسان الواردة في المهدي، وذكرت لبعضها عدة طرق مما رواه الأئمة بالأسانيد الجيدة فلتراجع (١)، ففيها أبلغ رد على من زعم أن أحاديث المهدي كلها ضعيفة أو موضوعة.

وأما قوله: وقد ضعَّف كثير من أئمة المسلمين أحاديث المهدي واعتبروها مما لا يجوز النظر فيه.

فجوابه: أن يقال: أما الأئمة المحققون الذين يعتد بأقوالهم في التصحيح والتضعيف فقد صححوا بعض الأحاديث الواردة في المهدي وحسنوا بعضها، وذكر غير واحد منهم أن أحاديث المهدي متواترة، وقد ذكرت ذلك في أول الكتاب فليراجع (٢)، ففيه رد على من ضعف أحاديث المهدي واعتبرها مما لا يجوز النظر فيه.


(١) ص ٩ - ١٧.
(٢) ص ٤١ - ٤٥.

<<  <   >  >>